بقلم ميرنا عيساوي جورجي

تتفاوت نظرة الناس تجاه كل واحدة منا  في مجتمع له معاييره الخاصة في تقييم الجمال والقدرات والأهمية، وذلك وفقا لقيمهم وقناعاتهم الذاتية أو وفقا لمصالح شخصية تتحكم في تقييمهم للآخرين.

قد يحكم علينا الناس من مظهرنا الخارجي، بدءاً من لون البشرة ونقائها إلى القشور المتمثلة في ثمن الملابس وفخامة السيارة أو البيت أو المستوى الاجتماعي  والتعليمي ورفعة الوظيفة، هذه أحكام  زائلة وقبض الريح يطلقها البشر على غيرهم غير آبهين بالمضمون الحقيقي لقيمة الإنسان ورفعته متناسين أن قيمتنا الحقيقة تأتي فقط من عند الخالق.

لقد خلقنا الله على صورته ومثاله، أي أننا نتمتع بصفات يتمتع بها الإله الحي خالق الكون بكلمة قدرته، ومع هذا فقد اختار الله كلي القدرة أن يسكن قلبي ويتخذ من جسدي هيكلا لروحه القدوس.

إن صليب المسيح يذكرنا بقيمتنا العظيمة، فقد دُفع فينا أغلى الأثمان، دم يسوع المسيح نفسه، جاعلاً من نفسه فداءا لنا، آخذا صورة عبد لكي نتحوّل نحن المجبولين من تراب إلى أبناء لله وورثة معه في الفردوس، وبعد كل هذا، هل نقيم أنفسنا وفقا لرؤية البشر، وهل نرى أنفسنا بعيون البشر أم بعيون إلهنا وخالقنا؟

قد نتعرّض أحياناً إلى الإساءة، ولكن الإساءة الكبرى تنبع من داخلنا حين نصدق ما يقوله عدو النفوس عنّا، فننسب إلى أنفسنا صفات وقيود تقيّدنا وتحدّ من إثمارنا. وتظهر الشجاعة حين نُخضع أنفسنا لله فنقاوم إبليس فيهرب منا. وإن أساء إلينا أحدهم يوما ما، نقوم ننتفض من التراب الذي يغمرنا مكتسين رداء البر، وحُلي وزينة العروس، التي سبق وأعدّها لنا عريسنا، واثقين أننا لسنا محط سخرية ولا وسادة يليق بها الضرب، بل جنديات غير متروكات، وقائدهن هو الرب الذي قال “الذي يمسّكم يمس حدقة عيني.”

أختي العزيزة، قد تهتز ثقتك بنفسك ويأكلك الإحباط والحزن لكونك لا تتمتعين بمقاييس الجمال التي ابتكرها البشر وربما تخجلين من شكلك أو وزنك أو من اختيارك المكوث في البيت والتفاني في خدمة العائلة بدلا من العمل في المجال الذي تطمحين إليه، وغيرها من الأسباب التي قد تضعك في دائرة من الحزن والضيق والغضب.

قد تتساءلين عن مدى أهميتك؟ فأنت واحدة بين ملايين بل بلايين خلقها الله، لكني أود أن أذكرك أن الله يهتم بك ويحبك، ويهتم بكل تفاصيل حياتك، حتى إنه يعرف عدد شعر رأسك، وهو يراك عزيزة ومميزة، فقد شبّهك بالسوسنة بين الشوك كذلك حبيبتي بين البنات (نش2:2)، لذلك تشجعي وتزيني بالعز والبهاء فهذا ما يليق بك.

أدعوكِ أن تصلي لتري نفسك بالعيون الإلهية، تذكري أنك غالية ومحبوبة، وقد اختارك المسيح وأقامك لكي تحملي ثماره، لك وظيفة في جسد المسيح، أنت مهمة وضرورية لتكميل القديسين، فأنت عمل الله وصنع يديه، أنت مختارة من الله، قديسة وشريكة في الدعوة السماوية، وما عليك إلا أن تكوني أمينة على العمل الذي أتمنك عليه الرب، ولا تسمحي للشرير أن يمسك أو أن يلوّث فكرك بأكاذيب عديدة، بل تذكري قيمتك الحقيقية.