امرأة استباقية (proactive)… مصطلح جديد غير مستخدم في مجتمعنا أو حتى في لغتنا! وقد يعود ذلك إلى طريقة تجاوبنا مع الظروف والحياة بشكل عام، والتي تنهج غالباً بمنهجية فكرية لاواعية اعتمدنا فيها على ردود الفعل التي اكتسبناها دون إدراك أو تمحيص منّا، فوجّهتنا بعض الأقاويل الشائعة مثل أقوالنا: “عايشين عالبركة” “هينا زي الناس شو بدو يصير علينا” “هالدنيا ماشية”. وبعدها تراودنا تساؤلات حول هذا الكمّ من عدم الرضا والإشباع الذي نحيا به يومياً والتعاسة التي ترافقنا، وهذا نهج وضعية التشغيل التفاعلية (reactive). 

إن العقلية والمنهجية التي سنعرضها عليكِ في عددنا هذا يشجّعكِ أنتِ أن تكوني المرأة الاستباقية، وهو أسلوب حياة مغاير: منهجية تعتمد على تغيير أسلوب التفكير، وعلى تغيير مواقف وردود الأفعال. نهج استباقي كهذا سيمكّنكِ من أن تحيي الحياة التي لطالما أردتِها. فمن خلال اتّباع هذا النهج ستمتلكين قدراً أكبر من السيطرة وستصبحين أنتِ من يوجّه الدَّفة؛ وحينها ستكونين أنتِ المسؤولة عن توجيه حياتك، وسيكون باستطاعتك أن تغيّري عملكِ وأن تتحكمي بأسلوب تفاعلكِ وردّكِ على الناس. فمن منّا لا ترغب في أن تتقدّم وتصل إلى أفضل نسخة من نفسها؟ ومن منّا لا ترغب في أن تحيا الحياة الأفضل التي وعدنا بها السيد المسيح في يوحنا  10:10؟ : ” وأَمَّا أَنَا فَقَدْ أَتَيْتُ لِتَكُونَ لَهُمْ حَيَاةٌ وَلِيَكُونَ لَهُمْ أَفْضَلُ” ولعلّنا هنا أيضاً ننتظر تحرّكات الله المعجزية بينما وهب للبشر النعم والفرص والإمكانات لخوض الحياة. هناك العديد من النساء من تعلّمن ونَمَين واستطعن أن يحيين وفق هذه المنهجية، فلما لا تبدئي مسيرتكِ أنتِ أيضاً؟

عددنا هذا مخصّص لكي تتعرّضي لقصص ومواضيع وأفكار تلهمكِ وتولّد داخلكِ الدافع لأن تتمثلي بهن. فعندما يبدو لنا- في العديد من المرات – أن حياتنا هي نتاج الحظ السيء، والفرص المحدودة بالحياة، وعيوبنا وضعفاتنا ومحدوديات إمكانياتنا، تكون الحقيقة بعيدة عن هذه العوامل المزعومة. إذ هناك وضعيتي تشغيل يمكنكِ أن تتعرفي عليهما اليوم بشكل مقصود من خلال عددنا هذا وهما “الوضع الاستباقي” و “الوضع التفاعلي”. فكما  ذكرتُ عن “الوضع الاستباقي” أنكِ أنتِ المتحكّمة والموجّهة لأحداث حياتكِ وتستخدمين وقتكِ وطاقاتكِ وإمكانياتكِ وخيالك ِلتوجيه حياتكِ نحو نتائج أفضل، ومن خلالها ستمتلكين المهارات القادرة على استباق الأحداث والمشكلات والتفكير بالحلول الإبداعية الممكنة. وتذكري أنه ليس هناك طريقة واحدة أو أسلوباً واحداً او حلاً واحدا،ً بل طرقاً وأساليب وحلولاً متعدّدة.

أما “الوضع التفاعلي” Reactive mode المعتاد، بمعنى أن الحياة تحدث لكِ وتملي عليكِ بظروفها. وكأنّ هذا قدركِ ونصيبكِ، وعادةً نتجاوب بسرعة وبطريقة انفعالية وغير مدروسة وتلقائية.

فالأولى تنهج بحياة قصدية والثانية تنهج بعشوائية ومصادفة. 

باستطاعكِ أن تكوني استباقية وتحيي حياةً أفضل. إنها مسؤوليتنا؛ فالله ينعم علينا بعقولنا والفرص الجديدة والناس والبدايات الجديدة والمصادر المحيطة بنا والإمكانات المتعدّدة للتعلّم والنمو ويرشدنا لنحيا حياة أفضل.  وما أروع أن ندرك احتياجنا المستديم للإرشاد؛ فنحن كائنات متطوّرة ونامية، وهدفنا أن نسعى للتعلّم، وفي الواقع نحتاج الى معلمين ومرشدين وملهمين في حياتنا، مثل الخصي الحبشي الذي جاء في أعمال 8: 31 فهو عندما كان يقرأ سأله فيلبس: «أَلَعَلَّكَ تَفْهَمُ مَا أَنْتَ تَقْرَأُ؟» فَقَالَ: «كَيْفَ يُمْكِنُنِي إِنْ لَمْ يُرْشِدْنِي أَحَدٌ؟». وَطَلَبَ إِلَى فِيلُبُّسَ أَنْ يَصْعَدَ وَيَجْلِسَ مَعَهُ.

 ونرغب عزيزتي أن تساهم مواضيعنا -ولو بالقليل – في أن ترشدكِ. ومما لا شكّ فيه، أن دورنا جميعاً يكمن في كيفية استغلال كلّ ما يوفّره الله لنا لتطوير أنفسنا من خلال اجتهادنا والاستثمار في كل مواهبنا واستغلال الفرص والإمكانيات المتاحة.

 لقد آن الأوان لأن تكوني التغيير الذي ترغبينه؛ فلا تكتفي بأن تترجّي وتصلّي وكأنّ دور الله دوراً سحريّاً في التغيير بمنأى عن دورك. فالتغيير يكمن في تجاوبكِ مع ما هو صانعه، من خلال دوركِ في التخطيط والعمل والاجتهاد والإنجاز. قد تملي عليكِ الحياة العديد من الأحداث غير المتوقّعة مثل خلل  في الثلاجة أو حادث سيارة، أو تذمّر أطفال، أو زوج مهمل، أو عائلة متداخلة أو حتى فقدان صداقة، أو خسارة وظيفة. فهذه طبيعة الحياة! لكنّ طريقة تعاملكِ مع هذه المواقف والظروف تحدّد وضعية تشغيلك: متفاعلة أم استباقية. فما هي وضعية التشغيل التي ستختارينها بعد قراءة عددنا هذا؟