بقلم ميرنا جورجي

يدعونا الله للاحتفال بشكل يومي، فنجد أنه منذ الخليقة، خليقة الانسان، ذكرا وأنثى، على صورة الله ومثاله، وخلقِهِ لكل ما في الطبيعة بشكل مثالي، قد جعل الله يفرح ويبتهج. ونجده يمتدح خليقته بوصفها بالحسن، وأيضا حسن جدا. ويقول الكتاب “افرحوا في الرب كل حين واقول ايضا افرحوا.” فهل يرغب الله أن نبتهج ونحتفل بكل ما صنع؟ وفي كل دور نقوم به؟ نعم ويجب أن يكون هذا قرار شخصيّ ويوميّ.

فلنبتهج أولا بخلاصنا، فهو سبب فرحنا الدائم الذي لا ينزع منا أبدا، ولنجلب الفرح إلى كل مكان وفي كل دور نقوم به. فهذا ما يطلبه الله منا، في (فيلبي 4: 8 ) أخيرا أيها الاخوة كل ما هو حق، كل ما هو جليل، كل ما هو عادل، كل ما هو طاهر، كل ما هو مُسِرّ، كل ما صيته حسن، إن كانت فضيلة وإن كان مدح، ففي هذه افتكروا.

إن أولادنا هم سبب فرح لنا وبركة، ودوري ودورك كأم أو مربية يدعو للابتهاج والاحتفال.

أدعوك للاحتفال بدورك كأم رغم صعوبات الحياة، وضغوطات الاقارب والأقران، ورغم متطلبات المنزل وتحديات التربية الصحيحة والسويّة، فإن الاحتفال ممكن وواجب، إن ابتدأ بالتفكير الحسن والايجابي.

نعم، قد نُعاني أحيانا كثيرة من التعب والارهاق، ونتمنى لو نهرب إلى نزهة طويلة نختفي فيها عن الانظار، لنتمتع بكأس قهوة دافئ وبممارسة هواية، أو الاستحمام والنوم دون أن يزعجك بكاء الاطفال أو سماع كلمة “ماما” مئة مرة يوميا.

لا تشعري بالذنب إن تأففتِ أو تذمرتِ، فكلنا نمر بأوقات صعبة نشعر أننا استنزفنا لكن تذكري أن الله معين لك في تتميم دورك، ولترفعي صوتك بالصلاة: “استمع يا رب وارحمني يا رب كن معينا لي” (مز30: 10). واشكري”لأنك كنت عونا لي وبظل جناحيك ابتهج” (مز 63: 7). فأنت لا تقومين بدورك بقواك الذاتية وبمفردك، فقد أنعم الله عليك بروحه القدوس الذي يعلمك ويرشدك ويبكتك، لينمو أولادك بصحة نفسية، وجسدية، وعاطفية واجتماعية سويّة.

يمكنك الابتهاج بدورك كأم رغم أكوام الغسيل أو الأطباق المتسخة في المطبخ عندما تشاهدين أطفالك يلعبون ويمرحون ويضحكون لأبسط الأسباب، فتنضمي إليهم باللعب والمرح لتستعيدي حيويتك ونشاطك وتتعلمي أن الكل باطل وسيزول، لكن الأهم أن نفرح ونبتهج بما منحنا اياه الله لخيرنا.

إني ابتهج جدا عندما يستجيب الرب لصلواتي المرفوعة لنفسي، ولزوجي، ولأطفالي، ولنا كعائلة. فما أجمل الثمار التي أحصدها بعد الصلاة فأجد نفسي اني تشكّلت وتجمّلت، وظهرت ثمار الروح في معاملاتي مع اطفالي، واصبحت أما افضل لهم. كما واحتفل في كل مرة يحفظهم الله من كل سوء ويستجيب لي الصلاة في تشكيلهم، ليكونوا مقدسين، وبارّين، ونامين بالحكمة والنعمة في عينيه اولا وفي أعين الناس. فَهُم منذ البدء اولاده وما انا إلا وكيلة ومؤتمنة عليهم الى حين عودته. كما واحتفل بكل تطور ألتمسه في أولادي في النمو والادراك والايمان مما يجعلني ابتهج فرحا.

وإن كان عصيان اولادك في بعض الاحيان سبب كآبة لقلبك وعار لاسمك، ابتهجي لأن الله قادر ان يغير سلوكهم ونزع أي بقايا من قلب الحجر من صدورهم وتليين رقابهم القاسية ليجعلهم ابناء الطاعة. فانت تعبدين اله حي لا يعسر عليه امر.

ادعوك عزيزتي لتحتفلي بدورك كأم وان لم يثمر رحمك جنينا الى الان. فقد كُتب عن حنّة التي كانت نفسها حزينة لعدم وجود اولاد لها انها بعدما صلّت الى الرب قد مضت في طريقها واكلت ولم يكن وجهها بعد مغيرا. فقد آمنت حنة بصلاح الله وقدرته، فخالق الرحم قادر ان يمخّض ويخلق اولاد للعاقر. فنجدها تسبح الرب الذي استجاب طلبها (1 صم 2: 1) فصلّت حنة وقالت: “فرح قلبي بالرب. ارتفع قرني بالرب. اتسع فمي على اعدائي. لأني قد ابتهجت بخلاصك”. حقا إن الله هو “المسكن العاقر في بيت أم أولاد فرحانة” (مز 113: 9).

وان كنت عزباء ولم تنعمي بالأمومة الجسدية ادعوك لتطالبي الرب بالأمم ليكونوا ميراثا لك، “ترنمي ايتها العاقر التي لم تلد أشيدي بالترنم ايتها التي لم تمخض لان بني المستوحشة اكثر من بني ذات البعل قال الرب . اوسعي مكان خيمتك ولتبسط شقق مساكنك. لا تمسكي. أطيلي اطنابك وشددي اوتادك . لأنك تمتدين الى اليمين والى اليسار ويرث نسلك امما ويعمر مدنا خربة.”

فأنت مدعوة للاحتفال بوجودك على هذه الارض لهدف سامٍ وللاحتفال بأنك انثى وبكونك مؤثرة، عاملة مع الله في خلق اجيال تسبّح اسمه وتعبده، جاعلة المسيح مركز حياتك وقائدها، لتتحدي الصعاب وتقاوميها منتصرة على ضعفك وفكرك ومحدوديتك ومتممة مقاصد الله لحياتك.