بقلم غريس الزغبي.

اخترته ولن أندم قط… تمسّكت به ولن أتخلّى عنه أبداً، هذا هو يسوعي!

ولدت في أسرة مسيحية، وزرع فيّ والديّ بذور الإيمان المسيحي في سنواتي المبكّرة، أحببت يسوعمنذ نعومة أظفاري، ولكنني أذكر أنّني عندما كنت فيالثالثة عشرة من العمر قرّرت أن أقدّم كل ما أملك ليسوع، وعدته حينها أنّني سأخدمه بكلّ ما لديّ، بالقليل أو الكثير!

شعرت بدعوة الله على حياتي بأن أكون مكرّسة له لأخدمه كلّ يوم في حياتي. كم كنت أشعر بالشغف عند قراءتي للكتاب المقدّس وكم كنت أشعر بالراحة عندما أصلّي، وبالفرح عند استماعي إلى الترانيم.أذكر جيّداً أنّه في أحد الأيام، لم تفارق كلمات هذه الترنيمة ذهني وبِتّ أردّدها طوال الوقت: “يا سيّدي إنّي أريد العمق فيك، فاروني وأحيني… إني أريد نور حبّك يسطع في داخلي…يا صاحب الحنان… أتوقُ إليكْ، أتوقُ أن تحيا فيَّ يا مَلِكِي، أنتَ بروحِكَ، أنتَ تقودُ عُمري ورِحلتي، يا سيّدي، غيّرْ بروحِكَ حياتي وأُملُكَنْ إرادتي، المس فؤادي وحَواسي بَل وكُلَّ بُنيَتي”. فعلاً، لقد أردت أن يحيا الله فيّ، وأن يقود عمري ورحلتي وأن يلمس كلّ ما فيّ، فمن سواه بذلك جدير؟! شعرت بمحبّة الله تغمر قلبي وقرّرت وأنا لا زلت في المرحلة الإعدادية بأنني عندما أنهي دراستي الثانوية سأتخصص في دراسة الكتاب المقدّس. لم أكن أعلم حينها أنني سأحصل على المرتبة الخامسة على مستوى الضفّة الغربية في نتائج امتحانات الثانوية العامة بمعدّل 98%. كنت قد اجتهدت في دراستي ولكني علمت يقيناً أنّ يد الله كانت على حياتي وهو من سمح أن أتفوّق بهذه الصورة غير المتوّقعة.

انهالت الاقتراحات عليّ حينها، هذا ينصحني بأن أدرس اللغات وذاك القانون، ولكنني لم أتردّد ولا للحظة واحدة أن أسجّل في كلية بيت لحم للكتاب المقدّس، وإن كان الأمر قد بدا في أعين الكثيرين تفاهة ولا يستحقّ المعاناة، بدا لجميع من حولي وكأن دراسة كلمة الله هي أمر ثانوي، للضعفاء، للفاشلين، للضائعين…اختلف الأمر لديّ، ففي حساباتي علمت يقيناً أنّ الله هو مصدر كل نجاح وتفوّق، حسبت كل أمر نفاية من أجل معرفة ربّنا يسوع المسيح، الذي فيه مدّخر كل كنوز الحكمة والعلم. إضافة إلى ذلك، فإنّ ما زادني رغبة في أن أدرس كلمة الله هو إدراكي للنقص الشديد والحاجة الملّحة في هذا المجال في فلسطين. علمت ورأيت أنّ “الحصاد كثير، أمّا الفعلة فقليلون” نعم، كان بإمكاني أن أدرس ما شئت، ولكن قلبي كان يبغي دراسة كلمته، والتعمّق فيها.

لقد اختبرت يد الله على حياتي كلّ يوم في كل سنة من حياتي، فبعدما أنهيت درجة البكالوريوس، تمكّنت من الحصول على شهادة الماجستير في المملكة المتحدّة، وعدت إلى بيت لحم حيث ابتدأت أعمل وأخدم في ذات الكليّة التي احتضنتني كطالبة، ويا لفرحي بينما أخدم الله وأساهم في امتداد ملكوته الآن وهنا..

إنني أشكر الله على عمله في حياتي وعلى كل الأمور التي يعلّمني إيّاها من خلال كلمته، أتوق لأن أخدم الله في كل يوم من أيام حياتي، أتوق أن أتحدّث عن محبّته للآخرين، شوق قلبي أن يختبر الجميع معنى العلاقة والشركة مع هذا الإله المحب. أثق كلّ الثقة أن الله سيستمرّ في تدبير كل أموري وسيساعدني في تحقيق كلّ أحلامي، لا بل سيفاجئني بما لم أكن أتوّقعه وأصلّي أن يساعدني أن أكون أمينة في المواهب والوزنات التي حباني إيّاها. اختبرت أنّ الحياة رحلة إيمان، إن وثقنا في الله بأنّه الراعي والمدبّر والقائد، فلنعلم يقيناً أنّه لن يضيع أي أمر سدى، بل سيساعدنا أن ننجز وننجح ونبني ونتفوّق ونستمرّ كفعلة في حقله.

إنّ تعاملات الله، إله هذا الكون، تختلف بين إنسان وآخر، ولكن أمانة الله ثابتة ومراحمه متجدّدة كل صباح ومساء. فهل وضعتي يدك في يده؟