بقلم هديل داوود

 

نتساءل كثيراً عن أهمية توعية أطفالنا، وشرحنا المستمر لهم أن جسمهم ملكهم ولا يحق لأي شخص أن يمسهم من غير موافقتهم. بعض منا يحاول تجنب الحديث مع أطفاله بكل ما يتعلق بالتربية الجنسية، إما من باب الخجل، أو ربما لصعوبة أن تُشارك الأم هذا الموضوع بالتحديد مع الولد أو البنت، لأننا تعودنا كمجتمع أن نضع موضوع التربية الجنسية، وتوعية أطفالنا اتجاه جسمهم وملكيتهم جانبا، ونلصق لها كلمات “عيب، مخجل، ممنوع، خاص، سر.” واللائحة تطول.

من خلال عملي كمعالجة، صادفت العديد من الأهالي، منهم المضطربين، ومنهم المتعطشين لاكتساب آليات للتعامل مع ابنهم أو ابنتهم جراء تعرضهم لاعتداء جنسي. وهنا سأقتبس بعض من كلمات أهالي متألمين نتيجة تعرض ابنهم وابنتهم لتحرش أو اعتداء جنسي:

“يا ريت كان مين يوعينا لنوعي أطفالنا.”

” دايما سمعت عن التحرش لكن استبعدته من منطقتي ومن بيتي انا بكل تأكيد.”

“ربيت انه هذا شي عيب ومخجل، وهيك أنا بدوري كأم، ما عرفت أعلم بنتي إنه مش مخجل انها تصارحني بكل اللي بصير معها.”

“شفت عليها تغييرات، تصرفاتها وعصبيتها، بس ما فهمت انه من وراه اعتداء مستمر.”

اختي العزيزة، لا تستبعدي الفكرة وكأنها غير موجودة في منطقتك. هل تعلمين أن الاحصائيات اليوم تؤكد أن 1 من كل 5 أولاد مروا باعتداء جنسي. %87 من حالات الاعتداء، المعتدي معروف للضحية (للولد أو البنت). نسبة الاعتداء على الأولاد والبنات حتى جيل 12 سنة متساوية.

ماذا يدور في ذهنك في هذه اللحظات؟ ربما تتساءلين داخل نفسك ماذا علي كأم أن أعمل اليوم كي أحمي أطفالي من الأذية؟ ربما تتساءلين عن دورك في هذه اللحظة، وما هي الخطوات التي يجب عليك أن تتبعيها؟ أو أنك ما زلت مذهولة من النسبة العالية الموجودة بين الأولاد والبنات الذين تعرضوا لاعتداء.

نعم، أنا معك وأوافقك، إنه شيء مؤلم وليس بالسهل استيعابه، لكن تعالي اليوم وكوني أنت صاحبة التغيير في حياة أولادك، تعالي وافسحي لهم المجال بمشاركتهم إياك بتساؤلاتهم العديدة. أفهم قلقك وترددك بكيفية تناول الحديث، أوافقك فهو ليس بموضوع وارد في أحاديثنا اليومية مع أطفالنا، وكل هذا لأننا لم نعتاد أن نصارح أطفالنا ولم نلق الأهمية على توعية أطفال بكل ما يتعلق بالتربية الجنسية.

أشجعك أن تتبعي بعض الخطوات العملية التي تعطي مكان للحوار والتعلم في كل ما يتعلق في جسم طفلك أو طفلتك:

  • عرفي طفلك أو طفلتك بأسماء أعضاءهم التناسلية كما تهتمين أن يعرفوا الأعضاء الأخرى في الجسم.
  • علمي طفلك أن هناك أماكن خاصة في الجسم ليس مسموح للآخر أن يلمسها.
  • كوني مستعدة للإجابة على كل سؤال يطرحه ابنك أو ابنتك عن جسمهم. وبالتالي حاولي أن تكون أجوبتك مناسبة لعمر ابنك أو ابنتك.
  • يمكنك استخدام كتب مخصصة للأطفال بكل ما يتعلق بالتربية الجنسية وكتب مخصصة عن توعية الأطفال عن التحرش الجنسي أو أي وسيلة إيضاح أخرى، إما عن طريق فعالية معينة أو مشاهدة فيديو قصير مخصص للأطفال.
  • ذكريهم دوما أنك موجودة لأجلهم ولتحميهم، شجعيهم أن يأتوا إليك ليخبروك فورا، إذا ما تعرضوا لأي محاولة لمس أو اعتداء.

أسمع العديد من الأمهات يتساءلن كيف لنا أن نعلم إن تعرض ابني أو ابنتي لتحرش أو اعتداء جنسي؟ لم اسأل ابني او ابنتي يوما عن الموضوع؟ إليك بعض النقاط التي تساعدك على معرفة الأمر:

في العادة الاعتداء الجنسي على الأطفال، لا يكون تحت أسلوب عنف، ولهذا من الصعب أن تلمسي آثار عنف على جسد الولد أو البنت. وبالتالي يشعر الولد أو البنت بالخجل والخزي بمشاركة الأهل بما حصل معهم، كما أن في بعض الأحيان المعتدي يقوم بتهديدهم، أو يؤكد عليهم أن هذا سر بينهم فقط، ولن يصدقه أحد إذا شارك الأمر.

مع ذلك يمكنك تمييز بمجالات أخرى، إليك البعض منها:

  1. علامات جسدية:
  • صعوبة بالمشي والجلوس.
  • ملابس ممزقة او ملطخة بالدم.
  • شكوى الولد أو البنت بآلام في الأعضاء التناسلية.
  • التقيؤ.
  • التبول.
  1. علامات سلوكية:
  • تغييرات سلوكية حادة مع الولد أو البنت، لا بد أن تكون مؤشر للانتباه.
  • اضطرابات في النوم.
  • كوابيس وأحلام مزعجة.
  • تجنب ملحوظ بتواجد مع بعض الأشخاص.
  • نوبات الغضب.
  • سلوك رجعي (مص إصبع الابهام، تبول لا إرادي، التكلم كطفل صغير).
  • تراجع ملحوظ في الواجبات المدرسية.

هذه العلامات لا تشير بالضرورة أن ابنك أو ابنتك تعرضوا لاعتداء جنسي، ولكن بكل تأكيد مؤشر يحذرنا أن تغيير حالة ابننا أو ابنتنا العاطفية قد تكون بسبب اعتداء جنسي. في حالة وكان تغيير في سلوك ابنك أو ابنتك حاولي أن تسألي أسباب هذا التغيير، في أي حال كان هناك اشتباه لتعرض لاعتداء أو تحرش جنسي من المهم التوجه لاستشارة مهنية لمساعدتك ومساعدة الولد أو البنت في الأمر.