بقلم د. مدلين سارة أخصائية تربية ومستشارة نفسية مسيحية

 

إن الحياة وتحدياتها وظروفها المتغيرة تشوه الإنسان وتصميمه وما يحصل أننا نصاب بخيبة أمل ولربما إحباط يصل بنا إلى اليأس من الحياة وتمني عدم المضي فيها.

ولربما البعض يحاول أن يصنع تغيراً ولكن المعظم يركز على التغيير الخارجي الذي لا يحدث تغييراً حقيقياً في أعماق الإنسان الداخلي، التي تحتاج إلى إصلاح وشفاء.

أما إذا أدركنا أهمية التغيير الداخلي، فإننا سنتفاجأ بالكم الهائل من التغيير الذي سيحدث عن كيان الإنسان كله.

كما ذكرنا في أعدادنا السابقة أن كل منا قد يمر بظروف صعبة، قد تكون عاطفية أو أسرية أو اقتصادية أو جسدية صحية، والنتيجة يكون تشويه نفس الإنسان العزيزة. وبالتالي من نفسية مجروحة سوف تصدر أفكار مشوهة تشوش نظرة الإنسان إلى الحياة والمستقبل.

رغم ذلك نستمر بسمع عن أشخاص مروا طفولة أو ظروف حياتية صعبة ولكنهم استمروا بالحياة، لا وبل برزوا وتميزوا، وقد نتساءل أحياناً لماذا قد يمر أشخاص بظروف متشابهة ولكن منهم من يستسلم والآخر يجاهد ويصل إلى تحقيق أهداف وأحلام، فما السر يا ترى؟

سأبدأ بتوضيح رسالتي اليوم عن طريق إعطاء صورة توضيحية لما يمكن أن يحدث في داخل الإنسان. نحن نعلم أن الفراشة الجميلة تبدأ حياتها كدودة عادية جداً. ولكن مع الوقت تتحول هذه الدودة، دودة بطيئة، دودة ضعيفة تزحف على الأرض وأوراق الأشجار، تتحول لتصبح فراشة جميلة، فراشة قوية تركب بأجنحتها الرياح لتسافر أماكن عالية، فترى الأشياء بمنظور مختلف من أعلى وهي مرتفعة فخورة فوق الهواء.

تستطيعين أن تتحولي من دودة تتجسس طريقها بخوف وتردد آفاق وعيك للبيئة لا تتعدى غير بيئتك وخبراتك الماضية، إلى فراشة جميلة محلقة ولامعة متألقة.

فرغم فشل الماضي ما زلت أمامك الحياة بأكملها عليك أن تدركي أن الجميع يشعر بالفشل من وقت لآخر، وانعدام الرجاء والأهداف، عليك أن تغيري المنظومة الفكرية التي تتحكم في تصورك عن نفسك، وعن الآخرين وعن الحياة. أنت إنسانة مميزة رغم الظروف الصعبة. ما عشتيه ومررت به لا يصفك يحكم مصيرك أن معظم العظماء الذين نقرأ عنهم كانوا يعيشون حياة صعبة، فأمثال مارتن لوثر كينج عانى ضرب جسدي مستمر من قبل أبيه القاسي، منديلا كان رئيس جنوب أفريقيا، أمضى معظم حياته في السجن، هيلين كيلر بالرغم من إعاقتها الجسدية إذ كانت فاقدة السمع والبصر، سميت بمعجزة الإنسانية والعديد من الأمثلة التي يمكن ذكرها.

فهل تعلمين بأنك في حاجة إلى اكتشاف أشياء تجهلينها عن نفسك؟ هل تعلمين أنه هناك رجاء بأن تكوني شخصاً ناجحاً؟ هل تعلمين أنك خلقت من هدفاً وحلماً؟

أود تشجيعك من خلال هذا المقال تعلمي تغيير المنظومة الفكرية المغلوطة عن نفسك! تحدي الماضي كما تحداه الكثيرون وكانوا من صناع التاريخ. لا تستسلمي للشعور بالنقص وعدم الثقة لا تستسلمي لفكرة أنا الضحية أنا المسكينة أنا الفاشلة لا تتوقفي عن النمو، تستطيعين اليوم تغيير مسار حياتك.

سوف أركز على نقطة بداية هامة آلا وهي طريقة تفكير.

قال جون ماكسويل غير طريقة تفكيرك تتغير حياتك إن أساس الحياة السليمة القوية المؤثرة والناجحة هو التفكير السليم، وهو يستحق الاستثمار رغم صعوبته ولكني أود أن أقترح عليك بعض الأمور التي ستساعدك خلال عملية تحسين التفكير: –

اقرئي الكتب، استمعي إلى محاضرات، واقض وقت مع الملهمين والفعالين اقض وقتك بصحبة الأكفاء.

علينا أن نحب الجميع ونتعامل بلطف مع من نلتقيهم ونعمل معهم ونعاشرهم، ولكن من ألتمس وجودهم في حياتي وأقرر أن أمضي وقتا بمعيتهم، عليهم أن يكونوا ملهمين بأفكارهم وأعمالهم.

لذا إن أردت رؤية ثاقبة عاشري أصحاب الرؤية الثاقبة.

امنحي عواطفك قوة لتشديد أفكارك

إن تحقيق بعض التقدم يراد فه شعور الإنسان بالسعادة والرضا، لذا تمتعي بتلك اللحظة، وتيقني أن في تلك اللحظات من المحتمل أن تفكيرك يثير المزيد من الأهداف والأفكار والآراء المثمرة فتشحنك نحو الاستمرار

 

كرري العملية

كرري عملية التفكير السلمية وكوري تحقيق أهداف صغيرة. لأنك إن توقفت في مكان ونقطة النجاح الواحدة واعتمدتي عليها سرعان ستفقدين الابتكار والنمو والتطور استمري أفكار جديدة وكرري تطبيقها وانجازها.

فإن كتبتي خاطرة ألفت معزوفة وان قمت بخدمة وإن كتبت كتاباً، لا تمضي العمر كله تحمين هذا الإنجاز، بل احرصي على تكرار عملية تفكير سليم والإنتاج.

 

وأخيراً تذكري أنك مخلوقاً مبدعاً. يقول كاتب المزامير: أحمدك يا رب لأني قد امتزت عجيباً. خلقك الله بقدرات ومواهب هائلة. ويستطيع الرب أن ينتشلك من فشل الماضي إلى مستقبل رائع.