ناريمان عزات عادي طالبة إعلام في كلية بيت لحم للكتاب المقدس.

بيت دافئ، طعام حار، وأُم تقبله وتروي له قصة ما قبل النوم. هذا هو الوضع الطبيعي لأي طفل صغير، هذا ما يعيشه معظم أطفالنا وهذا ما تقدمينه لطفلكِ بشكل مستمر ودون تقصير. لكن، هل هذا هو حال جميع أطفال فلسطين؟ هل يحظى أطفال فلسطين بهذا القدر من الاهتمام الذي يحظى به طفلكِ؟ سنُخرجكِ اليوم من دائرة الراحة الخاصة بكِ، ومن محيطكِ المريح المُعتادة عليه، إلى الشارع!!

لعلكِ رأيتِ في الكثير من الأحيان طفلاً هنا وهناك على أرصفة الشوارع يبيع العلكة أو المحارم الورقية، إذا كنتِ اشتريت منه، ابتسمتِ له، عاملتهِ بشكلٍ لطيف أم لا، دعيني أُخبركِ قصة هذا الطفل…

إنه واحد من ملايين أطفال الشوارع الذين يعيشون منعزلين، ويعانون من سوء التغذية منذ ولادتهم، ويفتقدون للعطف والتعليم والمساعدة من قبل الجهات المخوّلة بحمايتهم وتوفير متطلباتهم.

تأسست منظمات ومؤسسات خاصة لرعاية الأطفال وتنشئتهم تنشئة سليمة تخدم البلد وقضاياها، منها مؤسسة الطفل ومؤسسات الشؤون الاجتماعية ومؤسسات التعليم العالي. ولكن للأسف! ليس كل من سمي بمسئول فهو مسئول على محمل الجد، فكلمة مسئول تعني حمل العاتق على كتفيه والسير فيه إلا أن يجد له حلاً.

نجد الطفل الفلسطيني بين الضياع وبين ضعف إمكانيات تلك المؤسسات الراعية العاجزة عن وقف ظاهرة أطفال الشوارع وعمالتهم وتسربهم من مدارسهم مقابل أجور بسيطة جدا.

تعتبر ظاهرة أطفال الشوارع من أهم الظواهر الاجتماعية الآخذة في النمو ليس فقط على مستوى البلدان النامية وإنما الدول الصناعية المتقدمة، وهي ذات بُعد تربوي وثقافي واقتصادي وسياحي، ومعالجتها يستلزم علاجاً شاملاً متعدد الأبعاد، يبدأ بالوقاية والتدخل وصولا إلى تأمين إعادة التأهيل والاندماج الذي يعود من شأن المؤسسات المختصة بأمور الطفل ولكن؛ وللأسف!! نرى القصار بأمة عينه من هذه الجهات، إذ أنها لا تقوم بدور المسئول والراعي الحقيقي لهذه الشريحة المهمشة في المجتمع والتي لا تأخذ عواقبها بعين الاعتبار لما فيها من ضرر على الفرد والمجتمع حتى بأكمله .

لم أستطع معرفة أسباب اللامبالاة لتلك المؤسسات تجاه طفل الشارع. هذا الطفل الذي ينظر له المجتمع على أنه شحاذ ولص ومن بيئة غير مهذبة غير محاولين تغيير تلك النظرة بتأهيلهم وإخضاعهم لمؤسسات تنمي قدراتهم وتنسيهم تسكع الشوارع وتضييع الوقت الذي لا فائدة منه والذي لا يجدي نفعا لهم، لتقوم بتحويل كل طفل، من طفل شارع إلى طفل قادر على حمل كتابه وحقيبته وأن يجلس أينما يجلس أبناء جيله.

تستطيعين أن تبدئي بتغيير نظرتكِ لهؤلاء الأطفال، فهم ليسوا لصوصاً ولم يأتوا من بيئة غير مهذبة وهم أيضاً ليسوا شحاذين، هم أطفال كان من المفترض أن ينعموا بحياة طبيعية سليمة تماماً مثل أطفالكِ، لولا تقصير بعض الجهات المسئولة. تذكري أن تبتسمي لأي طفل ترينه على أرصفة الشوارع بدلاً من أن تُغلقي نوافذ سيارتكِ خوفاً منه.