تنتابنا رغبة جامحة بالعودة إلى الوراء وفتح صفحة جديدة من أجل مسح أخطاء الماضي وصياغة قرارات جديدة ترمم الندوب المؤلمة التي غرست براثنها في أعماقنا وتركتنا فريسة لهواجس الماضي التي تؤرق حاضرنا وتدمر مستقبلنا وتكبل خطواتنا فنصبح كمن يطوف حول جبل الماضي وذكرياته القاسية كما يصفها الكتاب في تثنية ” دُرْنَا بِجَبَلِ سِعِيرَ أَيَّامًا كَثِيرَةً ” يحدث هذا ونحن في غفلة عن الحقيقة الواضحة التي يجب أن يدركها كل إنسان عاقل والمتمثلة بوعينا القادر على تحديد مصيرنا بعيدا عن لصق التهمة بعدو مجهول نطلق عليه الحظ أو القدر .

من هذا المنطلق، ارتأينا تكريس هذا العدد لاستنشاق الهواء النقي وترك هموم الماضي والكف عن جلد الذات وتعذيبها بأخطاء الماضي، سنبحث في هذا العدد عن النعم التي منحنا إياها الله وعن الجانب المشرق في حياتنا لنؤكد لك أنك تملكين مفتاح السعادة وقادرة على رسم معالم حياتك وتحقيق أهدافك استنادا إلى قدرتك على طمس الماضي والتأسيس لحياة سعيدة، كالكثيرات اللواتي كنت شاهدة على نجاحهن بحكم عملي في المشورة النفسية حيث تفوقن على أنفسهن وأثبتن أن الله قادر على تحويل النواح إلى فرح واليأس إلى أداة تسبيح. فقد عايشت الكثير من النساء البؤس والشقاء الى أن وصلن الى حافة الهاوية، لكنهن استطعن استنهاض الفرح بداخلهن من خلال التعرف على قدراتهن الحقيقية التي دفعتهن للثورة على انتكاسات الماضي والانطلاق الى حياة جميلة تعززها الثقة بالنفس والايمان بالقدرة على تحطيم مخلفات الماضي.

تأكدي أن الرب منحك طاقة كبيرة تؤهلك لمواجهة التحديات القاسية، هذه التحديات التي شكلت واقعك منذ الولادة والتي لم يكن لديك خيار فيها. فانت لم تختاري هويتك ولا وطنك ولا حتى عائلتك وظروف نشأتك، لكن مسؤوليتك تتمثل في قدرتك على التعامل مع هذا الواقع وتسخيره لبناء مستقبل واعد مليء بالمحبة والسعادة. كما قال رالف والدو إمرسون ” ليست الفرصة باباً يفتح أمامك. إنها خطوة جريئة أنت تقوم بها”. ان تجربتي في الحياة تعزز هذه المقولة، فقد واجهت مواقف كثيرة كانت تحبطني وتجعلي أتقوقع على نفسي في حالة من اليأس والبؤس الشديدين، الى أن أدركت بان مفتاح السعادة يكمن في قدرتي على تحويل سلبيات الماضي الى إيجابيات الحاضر الذي يؤسس لاستقرار المستقبل بمعونة الرب.

صلاتي لهذا العدد أن يبعث فيك الرجاء ويوفر لك الأدوات والنصائح التي تحفز طاقاتك وتفجر القوة الكامنة بداخلك لتؤهلك على السير قدما بالاتجاه السليم. فالتغيير يبدأ أولاً في عقلك وتفكيرك. وعليه نعمل على أن نغذي فكرك بالمفاهيم والقيم السليمة والصحية التي تفتح امامك الافاق التي لطالما حلمت بها.

ولعلك تجدين في مقولات جون ماكسويل التشجيع الكافي لفتح صفحة جديدة في حياتك:

  • لا يمكننا السيطرة على اللحظات الصعبة في الحياة، لكن يمكننا أن نختار ان نجعل حياتنا اقل صعوبة.
  • لا يمكننا السيطرة على الأجواء السلبية في عالمنا، لكن يمكننا ان نختار أن نسيطر على الجو داخل عقولنا.

المشكلة أننا نحاول السيطرة على ما لا نستطيع السيطرة عليه ونادرا ما نختار أن نسيطر على ما نستطيع السيطرة عليه.

هذا النهج في التفكير يساعدك على تخطي الماضي وعدم التحسر على واقعك ومقارنة نفسك بمن نجح في شق طريقه، ابتعدي عن استنزاف عقلك بمقولات سلبية من قبيل” مكانك سر” “ضيعت عمري” “فقدت هدفي”، “الكل تقدم وعمل ما عدا أنا”. تعالي وشاركينا تجارب وخبرات نساء استطعن دفن الحزن وانطلقن الى العالم بشجاعة، استفيدي من خبراتهن وخوضي معنا رحلة اكتشاف ذاتك ومكنوناتك لتكتشفي تميزك وشغفك لتنطلقي نحو تحقيق غرض الله من حياتك. عزيزتي اعزمي على أن تتركي بصمتك الخاصة في هذا العالم.