غالبا ما يراودنا حلم التغيير وحلم القفزات النوعية التي تنقلنا من واقع صعب إلى واقع آخر أكثر مرونة وأكثر راحة أو أكثر نجاحا، لكن الحياة تستمر برتابتها المعهودة وتفاصيلها العقيمة إلى أن تأتي الفرصة المنشودة التي تفتح الأبواب وتجدد الأمل وتحقق الطموحات.

من المتعارف عليه أن الإنسان قادر على التغيير، الإنسان هو المسؤول عن التغيير من خلال وعيه واجتهاده وسلوكه. لكننا في هذا العدد سنتحدث عن دور الله في إتمام الوعود وتحقيق الأحلام. نحن هنا لا نلغي دور البشر في إحداث التغيير الايجابي. وأحد هذه الأدوار هو تهيئة الأذهان البشرية لاستقبال زيارات الله للإنسان، والإيمان المطلق بالقوة الإلهية اللامحدودة والقادرة على إحداث التغيير.

يُعتبر الدور البشري حاجة ملحة من خلال التحضير لمستقبل يخططه لنا الله، وهو الوحيد القادر عليه. يقول الكتاب المقدس: “إِذًا لَيْسَ الْغَارِسُ شَيْئًا وَلاَ السَّاقِي، بَلِ اللهُ الَّذِي يُنْمِي”. إذن، هناك عدة طرق لتحقيق الوعود. إن معظمنا يعرف قصة سارة في العهد القديم في سفر التكوين 17. كانت عائلة إبراهيم وسارة تعيش حياتها اليومية العادية، وربما كانت سارة مشغولة في إعداد الغذاء وإبراهيم زوجها يعينها في إعداد المائدة. وفجأة يسمعون من يسأل عن إبراهيم خارج الخيمة، وكانت هذه زيارة الرب له وكأنه يقول “عزمت نفسي عندك”. فيسأل الرب عن سارة فقال له إبراهيم: “هَا هِيَ فِي الْخَيْمَةِ” تكوين9:18. فيجيب الرب: “إِنِّي أَرْجعُ إِلَيْكَ نَحْوَ زَمَانِ الْحَيَاةِ وَيَكُونُ لِسَارَةَ امْرَأَتِكَ ابْنٌ” تكوين10:18. يا للعجب… يوم عادي يتحول إلى زيارة خاصة وغير متوقعة لسارة. فقد كان إبراهيم قادراً على الإنجاب. فوجئت سارة وضحكت قائلة: “أَبَعْدَ فَنَائِي يَكُونُ لِي تَنَعُّمٌ”. نعم لقد طال انتظارها واليوم هي امرأة كبيرة في السن. كيف ستنجب؟ ونحن مثلها نفقد الأمل والرجاء إلى أن تأتينا زيارة إلهية. ولكن “هَلْ يَسْتَحِيلُ عَلَى الرَّبِّ شَيْءٌ؟ فِي الْمِيعَادِ … ” تكوين14:18.

من المؤكد أن الميعاد موجود ولا يستحيل على الرب شيء. وهو قادر على تحقيق الوعود والأحلام. وهكذا يشرق علينا نور النهار مهما طالت ظلمة الليل.

نعم للرب مواسم وأزمنة. وفي الميعاد سيأتي ليفتح الأبواب ويؤسس لعلاقة جميلة، ولفرصة عمل رائعة أو لطفل مُنتَظر بوَعد ليتحقق.

في هذه الأثناء علينا أن نحيا بحسب إيقاع السماء. فيها يخترق الرب أيامنا الطبيعية التي تسير بوتيرة عادية روتينية فيحولها إلى زمن افتقاد. فنختبر فيها النجاح بعد الفشل، التقدم بعد التباطؤ، الازدهار بعد الجفاف، النور بعد العتمة، الفرح بعد الحزن، التنعم بعد الحرمان، إنما هي أزمنة افتقاد وزيارات إلهية في الميعاد. أي في وقته هو!

أنا شخصيا اجتزت هذا الاختبار. فأنا إنسانة نشيطة وفعالة ومثابرة جداً. ورغم ذلك اشعر أنني في موسم انتظار التغيير. ولكن لا تغيير يأتي بكفاحي، فبالرغم من اجتهادي ينتابني شعور بالعجز! فأعلن: أنت يا الله. أنت فقط من يستطيع أن يزورني ويخترق حياتي بتتميم أمر جديد.

لعل هذا الموسم هو موسم استقبال هدية من السماء لكِ ولي. فليكن لنا إيمان أن نتمتع اليوم بما لدينا، ونترقب ما يعمله الله اليوم في حياتنا.