بقلم الإعلامية رنا أبو فرحة.

تجذبك عامة أنوثتها عن بعد، تقترب لتطلع أكثر، لتقرأ أدق التفاصيل في ملامح وجهها، فما هو ذلك الشيء الذي يجعلك تبصرها ولا تبصرها؟ هل يمكن أن تكون خصلات شعرها؟ أم أحمر الشفاه ذلك الجريء؟ لا بل يمكن أن تكون تلك التجاعيد الناعمة التي بدأت تكسوا أعلى جبينها. لا، فهذا محال، تلك امرأة في مقتبل العمر لا يمكن أن تحمل هماً أو غماً!

تعود وتصمت علك تجد ما يجيب خاطرك، وتراقبها علّك تراها تتمايل بخطواتها الساكنة حين تعلو أصوات الضجيج الذكوري حولها في شارع بائس، ونعم تراها كذلك، لكنها شامخة، وقوية، تشد بيمينها كف طفلها، وبيسارها المعول، وتحت إبطها الكتاب. ذلك الكتاب الذي يحوي تفاصيل الروح والقلب والجسد، وتحت خمار العقل تألقت المفاتن!

قبل أن تكون تلك الأنثى بمفاتنها أنجبتك، فهي الأم. قبل أن تكون تلك الأنثى بشعرها وعطرها احتضنتك، فهي الأخت. قبل أن تكون تلك الأنثى بابتسامتها اشتاقت لك، فهي القريبة، وهي الابنة، وهي الحبيبة والغريبة ويقال بأنها نصف المجتمع، ونصف تعداد العالم، وقد خلقها الله من ضلع آدم لتضفي على حياته حياة كاملة متكاملة بمشيئة خالقهما الذي خلقهما وسط غاب وشجر ونهر وبحر وسماء ومخلوقات وكون جميل. فمن قال أن جمال الجسد والروح لا يلتقيان؟

كالخطان المتوازيان، نعم لا يلتقيان، جمال الجسد والروح، بل يجب أن يسيرا جنباً إلى جنب بشكل متوازي لا يتعارض أحدهما مع الآخر صوب تمجيد الخالق وصوب السماء، فهل تستطيعي كامرأة أن تحافظي على سيرهما بتوازن؟ وهل تستطيع كرجل أن تحافظ على نعمة جمال الأنثى حولك وتقدر ثمنها؟

سجل التاريخ نساء حكيمات وجميلات، نُصبن ملكات، وما تزال أسمائهن تتوارثها صفحات الحاضر.

نفرتيتي الحسناء، كانت أجمل ملكة فرعونية جلست على العرش منذ أن وجدت العروش الملكية وتبوأتها النساء، فقد قيل أنها آيات من السحر والجمال، فقد كانت ناعمة الخدين، ورشيقة، وحكيمة الروح والعقل.

فينوس، أسميت ملكة الجمال السماوية، وقد شغلت أفكار الكثير من علماء الآثار والفنانين الذين بحثوا مطولاً حقيقة شخصيتها ومستوى جمالها الجسدي المرتبط بحنكتها وحكمتها.

ومن لم يسمع عن كليوباترا؟ وقناعها للتجميل الذي يملأ الأسواق اليوم؟ حيث يُقال بأن هذه الملكة المتأنقة ابتكرت قناعاً لتجميل بشرة الوجه وكانت حريصة على استخدامه بانتظام.

وهناك أسماء كثيرة ارتبطت بالجمال الجسدي وبقصص الحنكة مثل سميراميس، زنوبيا، والعديد أيضاً.

ولطالما تحدث الكتاب المقدس في عهديه القديم والجديد عن زينة المرأة الداخلية والخارجية، وكيف يجب أن تكون مرتبطة ومكملة لبعضها، فإن جمال المرأة المسيحية يجب ألا يكون جمالا خارجيا فقط، لكن يجب أن يكون متكامل، الاعتناء بالخارجي كما الاعتناء بالداخلي، كما قال بطرس الرسول:

“ولا تكن زينتكم الزينة الخارجية من ضفر الشعر والتحلي بالذهب ولبس الثياب بل إنسان القلب الخفي في العديمة الفساد زينة الروح الوديع الهادئ الذي هو قدام الله كثير الثمن فانه هكذا كانت قديما النساء القديسات أيضا المتوكلات على الله يزين أنفسهن…”

فما بين ما يعتقده المجتمع العربي المحافظ، ونظرته التي اسمحوا لي أن أسميها “الشرسة” و “العنيفة” في معظم الأحيان اتجاه المرأة لكونها امرأة فقط، يجعل حالة الحكم المسبق عليها أفضل وأسهل وسيلة لتسويق رأي المجتمع الذكوري العنيف، الذي يعبر عن عنفه اتجاه جمال المرأة الخارجي بالتحرش اللفظي والجسدي. وكما تشير الإحصائيات في مجتمعنا العربي نسب التحرش عالية جداً، وقليل منها ما يتم التبليغ عنه، خوفاً من المرأة نفسها على نفسها، وشعوراً بعدم الأمان في مجتمع ذكوري. فترى الرجل الشرقي يهوى امرأته أن تكون جميلة، ولكن أن لا تكون صاحبة قرار أو سلطة. يريد أن يراها وأن لا يقرأها، وأن لا يسمع منها، وهذه الحالة العامة كما نعرف، وإن كان هناك شواذ قلائل!

نعم، لا تخجلي، تجرئي، والتغيير يجب أن تبدئي به أنت، ويدعمك هو، ابنك، وأخاك، وأباك. دعي كلماتك تخرج من شفتين ملونتين، كوني جميلة، ضعي أحمر الشفاه، صففي شعرك، ارتدي الأجمل، والأنسب, اركضي صباحاً بعد القهوة، واختاري الكعب العالي مساءاً، إلى جانبه أو لوحدك!

كوني أنثى، كوني امرأة، كوني أماً جميلة ومرضعة، كوني أختاً ورائعة، كوني ابنة واطلبي العطور، كوني صديقة وأنيقة، كوني تلك الأنثى الذكية واجعلي من جسدك ذلك النعمة الإلهية مرآة تعكس روحك الجميلة الصبورة، ودعي عقلك يقود، و احملي الكتاب بيد وسلاح المرأة بيد أخرى، وتحلي، فللجمال أهله، وللعلم أهله، وللإيمان ترتيب، وجميعها تلتقي إن شئت أنت في امرأة, امرأة فاضلة ثمنها لآليء وكنوز, فمن يجدها؟!