رنا تويمة

في أوقات كثيرة من حياتنا، نمر بلحظات وفترات ألم روحي أو جسدي. صليب ألم يكون صخرة ثقيلة على قلبنا، ويؤثر على حياتنا كثيراً. لكن حينما ننظر للمسيح يسوع نشعر أننا أقوياء، كما تقول الآية: “أستطيع كل شيء في المسيح الذي يقويني. (فليبي 13:4) فحتى في ضعفنا الله معنا، ويستطيع أن يشفينا أكثر مما نتصور، لأننا أولاده الذين لا نهون عليه.

لم أكن أعلم أن الألم في حياة الإنسان من الممكن أن يتحول إلى نعمة! إلا بعد هذا الاختبار في هذه الرحلة الطويلة التي قلبتني رأساً على عقب، وزادت علاقتي بالرب رفيقي وقبطان رحلة سفينتي وسط عواصف وأمواج الحياة.

لم أكن أول من خسرت الكثير، بعد أن بنت أحلامها ببيت جميل، لكن الرب سمح بالخسارة وعوضني بالكثير، كما هو أمين وصادق في وعوده دوماً فهو الذي قال: “أعوضك عن السنين التي أكلتها الجراد”.

وها أنا هنا الآن أكتب لكل إمراه مجروحة، ومصدومة، ومتألمة، رسالة عزاء من اختبار، مضى عليه عامان من التناقضات والمشاعر المتخبطة.

قبل عامين اعتقدت أنني خسرت كل شيء، وكل ما حلمت به، بعدما قررت أن أنهي زواجي. اعتقدت أن كل الأبواب أغلقت، ولكنني لا أعلم من أين أتتني الشجاعة لأقف أمام هذه العاصفة وأواجهها وأقود سفينتي لميناء هادئ بقيادة الله.

نعم قد أُغلقت جميع الأبواب في نظر الجميع، ولكنني كنت أحمل نوعاً من السلام الداخلي أن هذه الغيمة ستغيب يوماً من الأيام حتى لو ضعفت أحياناً من طول الانتظار، وسط تساؤلات الناس التي لا تنتهي، ففي مجتمعنا لا أحد يرحم المرأة وإن كانت هي الضحية، لأنه مجتمع ذكوري.

ولكن الله كان أعظم من كل ظلم البشر، فهو الذي يغلق الأبواب ليفتح أبوابا أخرى تحمل بركة، وأنا أقول لكل امرأة متألمة: لا بد أن تشرق الشمس وتنير الظلام، أليس هذا ما يحدث كل صباح؟

فعلا في الفترة التي كنت فيها بأمس الحاجة إلى الابتعاد عن كل الأماكن التي أعرفها والناس، فُتح لي باب السفر لبلد بعيد لأبدأ بداية جديدة وكأن الله خلقني من جديد. لم يكن هروبا، ولا أقول إن السفر هو الحل لكل امرأة متألمة! كلا، فلكل حالة من الحالات ظروفها الخاصة وطرق تعاملات الله تختلف لأن حكمته تفوق عقولنا.

فيا أيتها المرأة المعذبة سجينة حزنك تحررني، تعالي إلى الرب لأنه وعد أن يحرركِ وهو سيجد الحلول.

أذكر أول مرةِ كلمني بها الله برسالة واضحة أثناء فتحي للكتاب المقدس بطريقة عشوائية كعادتي، وقد كانت أول بداية لسلسة البركات وسر بداية إيماني بالمعجزات اليومية التي تحدث في حياة الإنسان، الآية: «أَلَمْ أَقُلْ لَكِ: إِنْ آمَنْتِ تَرَيْنَ مَجْدَ ٱللهِ؟» (يو 11: 40) لمستني هذه الآية بطريقة غريبة، لدرجة أنني شعرت أنها رسالة واضحة لي شخصيا، ووعد صادق من الرب إن آمنت وسلّمت. فقد علمني الله درساً للحياة، هو أن الآلام للبركة، كما أن الصليب حياة، فصليب ألمي كان سبب ولادتي الجديدة.

أنا التي لم تفهم في بداية آلامي كل هذه الأمور، وسألته آلاف المرات: ” لماذا يا رب؟ لماذا سمحت أن يحدث كل ذلك؟” وأحياناً أخرى سألته:” إلى متى يا رب تنساني؟ أين أنت يا رب؟” أما هو ففي كل مرة كان يجبيني بآيات من الكتاب المقدس: “فلما رآها يسوع دعاها وقال لها: يا امرأة، إنكِ محلولة من ضعفك.” لوقا12:13 “فقال لها: يا ابنة، إيمانك قد شفاك، اذهبي بسلام وكوني صحيحة من دائكِ” مرقس34:5

ففي هاتين الآيتين يتكلم يسوع مع امرأتين عانتا من المرض لسنين طويلة، لكنهما شفيتا من الألم الذي سجنهما لسنين. والشفاء أحياناً يكون شفاءً روحياً قبل أي نوعٍ أخر من الشفاء، وقد لمستني هاتين الآيتين كثيراً، وكأنهما كانتا تكلماني أنا شخصياً.

هل شعرت أحياناً أنك تتألم لدرجة أنك بحاجة لمعجزة لتشفيك؟ وأنك فقدت السيطرة على مشاعرك وكل شيء في حياتك!

كثيرون هم الذين يشعرون بألم في حياتهم، ولكن قليلون من يؤمنون أن هناك قوة أقوى من أي قوة على هذه الأرض، قوة تستطيع أن تشفي روحك قبل جسدك، تلك القوة التي تحتاج إلى إيمان قوي ثابت لا يتزعزع.

وهذا ما حدث معي أنا، تماماً كهاتين المرأتين اللتين أتيتا إلى يسوع، لأنهما آمنتا أنه يستطيع أن يحقق المستحيل. لقد كنت اعتقد أن الشفاء من الألم صعب! ولكن الرب كشف لي أن الألم هو لتطهير الروح والقلب، ولتغيير الإنسان للأفضل. فسلمته كل أحمالي وأوجاعي وحياتي، وطلبت منه أن يشفني في لحظة ضعفي من كل ألم روحي. وهذا ما حدث! تماماً كما حدث مع هاتين المرأتين، اللتين شُفيتا، شُفيت أنا أيضاً. ولأني آمنت أصبحت امرأة أخرى أقوى، امرأة تود أن تخبر العالم كله عن بركات الله في حياتها، وتريد أن تخدم الرب بأي طريقة هو يريدها!

فقط بالإيمان أصبحت أقوى وقادرة على التحديات، وها أنا اليوم أنظر للألم بطريقة مختلفة، لأنني أصبحت أفهمه وأعلم طرق التعامل معه. بفضل الرب وحده، لأنه كان مصدر قوتي التي لم أعرف كيف حصلت عليها. في زمن كشف لي أصدقائي وأحبائي الحقيقيين، وجعلني أفقد ثقتي بالكثيرين، كان الرب مصدر العزاء الوحيد لي، كأنه كان صامتا أحياناً لأنه كان يعمل ولكنني لحظتها لم أفهم.

مع هذا أعود وأقول، برغم من أن صليبي كان ثقيلا، إلا أنه كان أخف من صليب غيري. هذا ما كنت أعزي نفسي به، ويا ليتنا نستطيع أن نرى الجانب الايجابي من صليب الألم، الذي به نهضة روحية، وبه تغيير وولادة جديدة.

فتلك الأنا التي كانت بداخلي لم تعد مجروحة، تلك الروح أصبحت أقوى وأكثر حكمة. كل هذا يعود للرب الذي جمع أجزائي المكسورة وضمّدها. أعلم أننا نعيش في مجتمع يمنعنا حتى من التعبير عن الألم. لكن الرب يسوع المسيح هو الطبيب الشافي، فلا توجد معجزات بدون إيمان. إن آمنت بالأمور الصغيرة ستغير حتى الأمور الكبيرة. السر هو الإيمان ثم الإيمان ثم الإيمان!

فالله أروع مما نتصور، لأنه يعطينا بركات أكثر مما نستحق، فقط أمني أنه سيحرركِ من حزنكِ وألمكِ. واليوم هو يدعوكِ لتأتِ إليه بإيمان، وتأكدي أنه سيجيبكِ كما أجاب تلك النساء: “يا امرأة إيمانكِ قد خلصكِ!”. حينها ستتحررين من كل ألم يسكن روحك وجسدكِ، وستشعرين بالسلام الحقيقي الذي سيبارك حياتكِ به!

أنا أشكر الرب اليوم على كل الصعوبات التي واجهتني، لأنها نمتني وخلقت مني امرأة جبارة طموحة. عندما أنظر إلى الماضي أرى أنني قد قفزت درجات كثيرة، مع أنني كنت في السابق قوية ولدي إرادة ولكن ليس مثل اليوم!

واليوم أشجعكِ لتكوني أنتِ أيضاً امرأة قوية وجبارة وطموحة، الأمر لا يتطلب إلا أن تؤمني بنفسكِ وبالرب الذي سيعطيك القوة للتغيير من خلال البركات المعطاة لكِ.