بقلم رهام خير

في ظل هذه الظروف المتغيرة وما تحملهُ من غموض ومخاوف من المستقبل، علمت أن ما يسمح به الله ما من أحد يقدر أن يزيد عليه أو ينقص منه، لأن ما حدث في الماضي قد مضى وما سيحدث في المستقبل سيحدث، والله هو المسيطر على كل شيء.

ومن الممكن أن تكوني اليوم في حالة تساؤل حول ما يجري من حولكِ وعدم قدرتكِ على فهم الأمور بصورة واضحة في الوقت الذي قام الله بإعطائنا القدرة على التفكير بالحياة وكيفية إدارة حياتنا بشكل يومي. إلا أن قدرتنا على فهم ما يفعله محدودة. المطمئن في مثل هذه المواقف، هو أن الله يعلم كيف يدير حياتنا. في المزمور السادس عشر صلى داود النبي بهذه الكلمات “جعلت الرب أمامي في كل حين لأنه عن يميني فلا أتزعزع لذلك فرح قلبي وابتهجت روحي جسدي أيضاً يسكن مطمئناً لأنك لن تترك نفسي في الهاوية لن تدع تقيك يرى فساداً تعرفني سبل الحياة امامك شبع سروراً يمينك نعمُ الى الابد.”

يُشير هنا داوود إلى أن الشبع الحقيقي هو في شخص الله وحده وليس في هذا العالم، ظروفنا اليوم هي أكبر دليل على أنه بين ليلة وضحاها انقلب العالم وانكشف على حقيقته، أنه عاجز عن إنقاذ نفسه وأنه يحتاج الى كائن اعظم واكبر منه وهو الله القدير.

وهذا يأخذنا الى سؤال جوهري: ما الهدف من الحياة؟ ولماذا يحدث ما يحدث لنا اليوم؟ الهدف يُشكّل الدافع الأساسي الذي يُحرّكنا ويثير اهتمامنا ويشكل ما نحن عليه اليوم! وللأسف جميعنا نقع تحت هدف واحد، ألا وهو تحسين المرء لذاته والذي يليه إرضاء وتعظيم الذات، والتي أصبحت إحدى الأولويات والاهتمامات في هذا العالم والذي يحمل معه رغبة ( أريد ان اشعر بالراحة).

نعم، لكل منا حاجة للشعور بالراحة والأمان، لكن هذا العالم المتقلب الذي لا يحمل معه سوى سلاماً زائفاً يهتم بالأمور الخارجية والسطحية التي عليكِ أن تدفعي ثمناً من نفسك وروحك لتحصلي عليها. وللأسف إنها راحة مؤقتة في الوقت الذي قام إلهك العظيم بدفع هذا الثمن عنك ليُقدّم لكِ سلاماً من نوع آخر يرتكز على حالة داخلية في أعماق نفسك تتسم بالثقة والاتكال والتسليم والذي يُظهر معه حالة من الهدوء والطمأنينة التي تمنحك القوة امام كل تحد لتُنشدي في أحلك حالتك وظروفك “الله لنا ملجأ وقوة عوناً في ضيقات وجد شديداً لذلك لا نخشى ولو تزحزت الأرض ( العالم) ولو انقلبت الجبال الى قلب البحار (حياتنا، ظروفنا) فإن الله في وسطها فلن تتزعزع.”

هل تريدين مثل هذا النوع من الحياة الذي لا يرتبط بظروف أو بأمور مادية حسية، بل يستند الى عمق معرفة الهك؟ إذا كانت إجابتك نعم، دعيني أقول لكِ بأن هذا هو الهدف الحقيقي من حياتنا والذي يبدأ بمن نعرفهُ (الله) وليس بما نعرفه في هذه الحياة.

لقد ذُكر في سفر الجامعة 11:3 صنع الكل حسناً في وقته وأيضاً جعل الأبدية في قلوبنا التي بلاها لا يدرك الانسان العمل الذي يعمله الله من البداية الى النهاية وهذا يُعطينا أن نستنتج أن الله لديه خطة عظيمة لنا، فلا يجب أن نحكم على الظاهر لأننا لا نعرف كل شيء، فخطة الله هي أن نحيا معهُ إلى الأبد، والتي تُشجعنا أن نعيش اليوم وفق القيم والمبادئ الأبدية، لأن الله قد زرع وغرس فينا الأبدية والتي من غيرها لن تكتشفي خطة الله لحياتكِ بمجهودكِ الشخصي بل بعلاقة التصاق بالرب يسوع.

فعزيزتي هنالك ما هو أكثر من مجرد أن نعيش لذواتنا، لأن كل ما نعرفه اليوم هو محدود أمام قدرة وحكمة الهنا الغير محدودة.

تتميز علاقتنا بالله عن باقي العلاقات بموضوع المخافة وليس الخوف، وعلينا أن ننتبه الى الفرق ما بين الاثنين. فالمخافة بحسب تعريف كلمة الله هي رأس الحكمة (مز10:111) والذي يصحبهُ شعور بمهابة الله، وإدراك عميق لطبيعته العظيمة ما ينتج عنه الثقة ان الله اعظم من أي ظرف وأكبر من أي مشكلة.

أما الخوف فهو نوع من الاضطرابات العاطفية، التي في بعض الأحيان تُسبب نوعاً من الهلع. ونحن اليوم نعيش في حالة خوف من المستقبل والحاضر وما يترتب عليه من الحالة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، لكن إذا كنا قد تعلمنا وتدربنا على مخافة الرب بالأسلوب السليم، فلن نخاف شيئاً آخر لأننا مدركون أن الله هو المسيطر وهو في العلى أقدر.

لكن العيش بمخافة الرب سوف يحصد تأثيراً على توجهاتنا ومسيرتنا معه وما يغير في شكل ونوع حياتنا من الحياة المتزعزعة وغير الثابتة الى حياة مليئة بالاستقرار. ( متى7: 24-28)

ختاماً أريد أن أنقل رسالة الله لك اليوم، أنهُ قد أعد لك نوعاً جديداً من الحياة، والتي تليها خطة عظيمة، فهو إله العهد الملتزم بتتميم ما بدأهُ. فهل أنت على استعداد لإعادة ترتيب قائمة أولوياتك؟ وأن يكون هو على رأس هذه القائمة كفوا واعلموا اني انا هو الله (مز 10:46) وأن نتعلّم من دروس اليوم أن العالم وما يحمله من أحلام مزيفة ليس هو الشبع الحقيقي، بل الحاجة إلى واحد وأنه من المستحيل تحقيق الخطة المرسومة لكِ من الله إلا اذا كانت لنا “المخافة” واعطيناه المكانة الاولى في حياتنا. سأس