خطوات يتطلب منكِ أخذها حينما يفتح باب أو تأتي فرصة لتغيير حياتكِ
بقلم داماريس النواورة
فكرت كثيرا في كيفية تقديمي لك هذه الخطوات، وكتبت مرارا وتكرارا وفي النهاية قررت أنأقص لك عزيزتي قصتي أنا. واثقة أن لخبراتنا الشخصية تأثير أعمق وبُعد أخر وأؤمن أن الله يستطيع استخدامها لتكون لك سبب تشجيع. ولعلك تجدين من خلالها ما يساعدك ويشددك في انتهاز الفرص لتغيير حياتك ورؤية الأبواب المفتوحة على أنها دعوة إلهية لتتمتعي بخطة الله لحياتك.
بكل تأكيد تعاملات الله تختلف من شخص لأخر، باختلاف شخصياتنا ودعوتنا وظروف حياتنا، فليس عليك أن تتركي مكانك وتنتقلي لآخر مثلا، لكن الأكيد أن الفرص الجديدة فيها دعوة للخروج من مكان (دائرة) راحتك وأن تتحدي نفسك وتستعدي لخوض أمور جديدة.
بالنسبة لي بات يوم الخميس يوم مميز وتاريخي في حياتي، ففي ذلك اليوم العادي قبل عدة سنوات كنت في طريقي من مكان سكني في الشمال، إلى بيت لحم، للقاء القس المسؤول عن كلية بيت لحم للكتاب المقدس وعميدة شؤون الطلبة، للاستفسار عن برنامج البكالوريوس ومعلومات عن الكلية ومكانها. وخلال الحديث مع العميدة نظرت إلي نظرة أعرف اليوم أن وراءها كانت تفكر أنه من المستحيل أن تراني مرة أخرى، وقالت لي يوم الاثنين القادم سيبدأ العام الدراسي وهو أول يوم دوام. كانت ردة فعلي الأولى الصمت لم أعرف ماذا أقول وهل أنا أستوعب ما تقوله. وعندما تأكدت أننا نتكلم عن 4 أيام قادمة، بدأت أفكاري تتصارع ونبضات قلبي تتضارب، فكرت في عملي وأهلي ومسؤولياتي والتزاماتي المادية وحياتي الاجتماعية،أين اذهب بكل ما بنيته في حياتي؟
إن الفرصة التي أمامي الآن هي ترك بلدي والرحيل إلى مكان آخر يبعد عني جغرافيا 3 ساعات لكنه يختلف عني ثقافيا وفكريا، ويختلف عني في التقاليد والعادات وحتى استخدام اللغات المختلفة وصراع الهوية وغيرها. فأجبت حسناً سوف نرى (أنا والقس الذي كان برفقتي) وأعلمكم بقراري. وبدأت أسال القس ما رأيك؟ شاركني هو أيضا بقصته الخاصة والتي شجعتني، وسألت الله كيف أترك كل مسؤولياتي وحياتي وأنتقل إلى مكان آخر لا اعلم فيه شيء ولا أحد ولا أعرف فيه ماذا سأفعل ولا كيف سأعتاش خلال الأربع سنوات القادمة؟ فكانت كلمة الله واضحة “اتركِ كل شيء واتكلي علي أنا أهتم بكل شيء.”
الخطوة الأولى بدأت في “الثقة والتسليم الكامل”. إن الذي فتح أمامي الباب ومن دعاني إلى هنا هو سيكون أمين وسيعتني بي. والخطوة الثانية والأهم كانت “الطاعة الفورية” فلو أنني قمت بتأجيل الذهاب أو اخترت التعلم بطريقة أخرى مثلا عبر الانترنت لكانت هذه طاعة غير كاملة، والطاعة الغير كاملة هي ليست طاعة. فأشجعك عزيزتي على طاعة الله طاعة فورية وكاملة فهي أساس لإتاحة الفرص أمامك.
بعد أن أخذت قراري قمت بترتيب كل أغراضي وقمت بالتجهيزات اللازمة، ودَّعتُ عائلتي وأصدقائي وتركت عملي وكان كل من حولي مصدوم لدرجة لم يصدق أنني جدية، فمنهم من انتظر عودتي أو أن يسمع أنني أمزح، وهنا أريدأن أقول لك أن الفرص الجديدة تستلزم منا “التخلي”، التخلي عن ماضيك ممكن علاقاتك العاطفية (كما لي) وعلاقات اجتماعية، ومنزلك، وبلدك، وعملك، وراحتك، ومادياتك، وقد تحتاجي للتخلي عن حاضرك وكل ما يربطك ويعيق تقدمك.
وبعدها لابد أن نعي أن الفرص الجديدة فيها ندفع الثمن فالتخلي ليس فقط عن أمور خارجية بل أيضا فيها تتنازلي عن الحق أنك مسئولة عن حياتك ومن تأخذ قرارات المستقبل وترسمي حياتك بمفردك، فمن تلك اللحظة أدركت أن الله هو المسؤول عني وهو يعلم مستقبلي وأن كل خطوة قادمة ستكون بإرشاده وقيادته. وهكذا كنت متواجدة في أول يوم دراسي يوم الاثنين اليوم الأول من العام الدراسي. ولم تنتهي القصة هناك، فها أنا إلى اليوم أتمتع بهذه الرحلة (مرَت ثلاث سنوات)، وأسير في الطريق التي فتحت أمامي.خلال الرحلة ستختبرين رعاية الله ورحمته وحبه لك، انتهزي الفرص على أنها دعوة لعلاقة أعمق مع الله فسيرافقك بنعمته وسيكافئ طاعتك وسيكون معك.
ومن ناحية أخرى لابد أن تواجهي الصعوبات وتقفين أمام جبال وتجتازين ظروف صعبة لكن في جميعها سيعظم انتصارك،سترتفعين وتتعلمين منها، وسيحولها الله إلى خبرة وحكمه وستشكل فيك شخصية بحسب قلب الله،ستفرحين بنفسك وتفتخرين بقرارك وستكونين سبب تشجيع لأخريات بكل تأكيد كما أنا لك اليوم.
بالنهاية قد لا تأتي فرص كل يوم بتغيير جذري كهذا، لكن وبكل تأكيد وبالإيمان أن الله يفتح الأبواب أمام جميعنا، ولابد أنك تقابلت مع فرصة لتغيير حياتك وتجاوبت معها ومرات أخرى لم تجرئي، لكن لا بأس، نحن لا ننظر إلى الماضي ولم يفت الأوان بعد. انظري واستعدي، صلي بإيمان وتوقعي أن الباب سيفتح في أي لحظة وتذكري هذه الخطوات: الطاعة الفورية والكاملة، والثقة والتسليم، والإيمان، والتخلي ودفع الثمن.