من كتاب الزواج، ملامح الطريق لعلاقة حب متجددة
تأليف نكي وسيلا لي
كوننا بشراً، يجعل أكثر ما نشتاق إله هو أن يُصغى لنا ونكون مفهومين، فهذا يُسدد الاحتياج الأولي لدينا، ألا نكون وحدنا. قدمت إحدى المؤسسات مرة إعلاناً وعلقوا له ملصقات عليها صور أذن كبيرة كتبوا تحتها “مفتوحة 24 ساعة يومياً.” هذه المؤسسة تهدف إلى المساندة من خلال الاستماع لأي شخص في أي وقت، بعض الناس يذهبون إلى المشيرين أو الأطباء النفسيين فقط لمجرد ضمان أن أحداً سيستمع إليهم لمدة تقرب من ساعة. لكن بالتأكيد لا نحتاج أن ندفع نقوداً لهذا الأمر.
إن الخطر الذي يحيط بالزواج هو أننا لا نجتهد لكي نستمع، إما لسبب الكسل أو لأننا نظن أننا نعرف ما سيقال. من السهل أن نقع أسرىعادات سيئة مثل مقاطعة من يتكلم أو إغلاق آذاننا أو إكمال الجملة التي يبدأها الآخر.
تعلّم أن تُصغي من خلال:
إعطاء الانتباه الكامل
تكشف الدراسات عن التواصل أن أقل من 10% مما نريد أن نوصله يرتببالكلمات التي نستخدمها. أما نبرة الصوت التي نتكلم بها فإنها تحمل ما يقرب من 40%، أما لغة الجسم وحركاتنا فهي تحمل الخمسين بالمائة الباقية. هذا يؤثر في الاستماع كما يؤثر في التحدث.
الاستماع بذكاء
إن إحياء ووصف جرح أو مشكلة مزمنة بالتفصيل، يمكن أن يكلف الكثير.من المهم أحياناً أن نسمع ما وراء الكلام لكي نخمن الكلام المخفي. المستمع الجيد لدية الشجاعة لأن يخرج ما بداخل الآخر عن طريق أسئلة رقيقة في الوقت المناسب.
يجب أن نعطي بعضنا بعضاً وقتاً كافياً للتحدث، لأننا غالباً ما لا نكون واعين تماماً ما نشعر به. إن قدرتنا على التحدث والتعبير عن آلامنا تمكننا من أن نرى الأمور في وضعها الصحيح.
الاستماع دون انتقاد
ينتعش التواصل بالقبول بين طرفيه، بينما يفشل بسبب الانتقاد. نحتاج لأن نكون قادرين على الاستماع دون أن ندافع عن أنفسنا ودون مهاجمة الآخر. إن استطعنا أن نفهم بعمق الزوج أو الزوجة فسنكون على الأقل قد بلغنا منتصف الطريق إلى حل موقف ما.
غالباً ما نتحدث إلى أزواجنا أو زوجاتنا كما نشعر في تلك اللحظة، وتكون كلماتنا غير مرتبة وربما متناقضة. وربما نغير رأينا فيما نشعر به أثناء التعبيرعن أنفسنا. هنا يفشل المستمع بالكامل (وربما بقسوة) إذا ما بدأ يرى ثغرات فيما تعرض الزوجة أو فيما يعرض الزوج أو حتى في منطق كلام أي منهما.
الاعتراف بمشاعر شريك الحياة
إن إعادتنا ما يقوله لنا الآخر لأمر مفيد جداً، خاصة عند التعبير عن مشاعر عميقة. هذا يجعل الزوج أو الزوجة يعرف أننا نسمعه جيداً وأننا نفهمه أيضاً.
على سبيل المثال، قد تقول الزوجة: “لقد ضايقني الأولاد جداً،لم يكفوا عن الصراخ طول اليوم.” وبدلاً من الإسراع باقتراح حل، يحتاج الزوج لأن يعترف ويقر بمشاعرها بقوله:”لا بد أن ذلك أزعجك جداً.”
وقد يقول الزوج لزوجته: “لا أعرف كيف يمكن تسديد احتياجاتنا. لا يمكنني كسب نقود أكثر، إنني قلق جداً.” هنا تظهر الزوجة أنها تسمعه وتدرك مشاعره بقولها: “يؤسفني جداً أنك قلق هكذا، تعال نتحدث عن هذا الأمر.”
قد يبدو الاعتراف بمشاعر الآخر بهذه الطريقة غير طبيعي أو مصطنع في البداية، لكنه أداة فعالة في تعلّم الاستماع وبناء حميمة وجدانية.
لا يوجد بديل عن الحديث الفعال والاستماع المؤثر في الزواج. في الزواج نرى شخصين، لكل منهما أفكاره ومشاعره، ويصيران واحداً بوجودهما معاً. التواصل هو الجسر الذي يربط الواحد بالآخر، لأننا لا نستطيع أن يقرأ أحدنا ما في أفكار الآخر أو أن يرى ما بقلبه، إن فشلنا في التواصل فإننا نهدم الجسر ونلجأ إلى قلعة وحدتنا وانعزالنا، أما إذا اخترنا أن نتواصل فإننا بذلك نمد الجسر ويدعو كل واحد الآخر إليه. إننا نسمح لبعضنا البعض بالدخول إلى خصوصياتنا.