بقلم ماتيلدا توما

لطالما ابتهجت قلوبنا بأشياء ماديّة؛ ملموسة محسوسة ومرئية كوجود الأحباء الى جانبنا في ليلة عيد أو امتلاء خزائننا بملابس جديدة واحذية وحُليّ. امتلاكنا بيت كبير وسرير فخم مريح ودافئ، ذهن صافٍ مستلقٍ على وسادة ناعمة، سيارة من أحدث طراز، وثلاجة طافحة بأشهى الاطعمة. ستسعد قلوبنا ايضاً ان ارتبطت بزوج وسيم رومنسي او زوجة جميلة ممشوقة القوام، وان رُزقنا بأطفال اذكياء بصحة جيدة يملؤون بيوتنا بضجيجهم. ولا مانع من زمرة من الاصدقاء الاوفياء نحتسي معهم كوب من القهوة في يومٍ عاصف. وستتكلل فرحتنا براتب شهري ضخم يزور حساباتنا المصرفية نهاية كل شهر ولائحة البركات قد لا تنتهي.

ولكن ماذا سيحدث لهذه القلوب الفرحة في حال زوال كل تلك النِعم؟ هل سيُظلل الحزن أرجائها ويفوح منها عطر الكآبة بعد ان عَبِقَت بأريج السرور والغِبطة؟ هل سينحصر سرورها في فُقّاعة من المشاعر المرتبطة بالأحداث وسرعان ما تنفجر ويتبدد كل شيء؟ هل ستتلبد سماء قلوبنا بغيوم سوداء بعد ان سطعت عليها شمس الاكتفاء؟ ام سيكون فرحها مستنداً على مرساة الاختيار والقرار التي لن تتزحزح مهما لاطمتها امواج البحار؟

يا قلوب البشر، فلتعلمي اليوم ان النِعم ليست بأبدية واحبائكِ ليسوا بكائنات سرمدية! فلا بد من الغيوم ولا بد من المطر. فليكن فرحك ثابتاً راسخاً متمكناً، غير متّكلاً على بشر او حجر، بل على إله للفرح هو المصدر! ولتصرخي معي صرخة حبقوق الشهيرة :

 “فَمَعَ أَنَّهُ لاَ يُزْهِرُ التِّينُ، وَلاَ يَكُونُ حَمْلٌ فِي الْكُرُومِ. يَكْذِبُ عَمَلُ الزَّيْتُونَةِ، وَالْحُقُولُ لاَ تَصْنَعُ طَعَامًا. يَنْقَطِعُ الْغَنَمُ مِنَ الْحَظِيرَةِ، وَلاَ بَقَرَ فِي الْمَذَاوِدِ، فَإِنِّي أَبْتَهِجُ بِالرَّبِّ وَأَفْرَحُ بِإِلهِ خَلاَصِي.