بقلم د. مدلين سهواني سارة

أخصائية تربية ومستشارة نفسية مسيحية

احياناً نذّنب انفسنا لأننا شعرنا بعاطفة معيّنة، 

قد تكون عاطفة جميلة واحياناً مرعبة!

ندينها بكل قسوة، 

نحكم عليها بالعار وبأحكام قاسية.

حتى عندما تراودنا فكرة 

وعندما نعيش الموقف بكامل العفوية…

بتلك اللحظة نكون قد حظينا باختبار الشعور

وآمنا بأحشائنا اننا نسلك بطيبة قلبنا… 

وقد تكون تلك عاطفة جميلة وعميقة،

 لنا ولمن شاركها معنا. 

بعد الموقف نذهب نركل بعرض الحائط ونذنب انفسنا ونحكم عليها: “مش ممكن تكوني زودتيها شوي؟”،

او “يمكن كان افضل ما حكتيش او ما شاركتيش؟”

وهل تعديتي على حدود معينة؟

كوني مستشارة نفسية، 

 اعتدت على ان احاور نفسي واعبر عن مكنوناتي لها. 

نتجالس ونتأنس ببعضنا بكل شفافية ومصداقية. 

اسالها وتجيبني وتتحداني بكل موضوعية. 

نستحضر الحدث ونجهز القلم والمدونة، 

نتحاور ونراجع ونصغي لما حصل، 

وكثيرا ما استوعبت انه الصوت الذي اسمعه في الاغلب، لم يكن انا، 

بل هو صوت اهلي

صوت مجتمعي

صوت ثقافتي 

وصوت عادات طاغية اخفت وعيّي

هو صوت دائماً يذَنّبني ويحاكمني. 

صوت الناموسية والحرفية! 

هو صوت من قسوة البشرية…

صوت يعيبني

 وحتى الى كبر عمري يُطاردني…

وهو صوت طالما خلق فجوة عظيمة في داخلي، 

ترك فراغا قاسيا اتسع في اختباراتي.

فجوة بيني وبين نفسي، 

بين الذي اؤمن به وبين ما هو عيب وعار لا يجوز لي، 

بين احتياجي انا وبين ما غسلوا به دماغي وما ملأوا ذهني به… 

وكنتيجة تكوّنت هوة اغرقتنا جميعنا وابتلعتنا فابتعدنا لا عن انفسنا 

بل واغتربنا ايضاً عن بعضنا. 

وفجأة بعد جلستي مع نفسي، 

وجدت انني امنت بشيء جميل وعميق، 

وصدقت انه الناس والعلاقات ما زالت صادقة ونقية وطيبة. 

لما اذنّب واتذَنّب؟ 

لما علي بالعار ان أتعيّر؟ 

لما لا نتعلم نحيا لحظتنا ونخلق للناس ولأنفسنا عالما جديدا ومتجددا؟

 لما لا نجدد خبراتنا وخبرات مجتمعنا بتجربة مصححة ونعلّم الاخرين عبر النمذجة لحياة وقيم ارقى واسمى؟

لما لا نتعلم نتمتع بكل شيء بأسلوب صحي وجميل؟

اللهِ الْحَيِّ الَّذِي يَمْنَحُنَا كُلَّ شَيْءٍ بِغِنًى لِلتَّمَتُّعِ… 

لنشد عزمنا وكل حيلنا ونفتدي العلاقات من قوالب شوِّهت وافسدت وأُحِطّ من قُدْسيتها.