الحياة لا تسير بوتيرة ثابتة فالمطبات المفاجئة قد تقتحم حياتنا بدون استئذان وتقلبها رأسا على عقب وترسم خارطة جديدة للمستقبل بعيدة كل البعد عن توقعاتنا ما يستدعي الاستعداد لمواجهة كل الظروف من أجل التأقلم مع المستجدات والحفاظ على التوازن الذي يؤمن استقرارنا ويشكل الدرع الواقي ضد الصدمات.

التغيرات لا تستثني أحد، فقد تسرق منك الأعزاء والأصدقاء وقد تطال مصدر رزقك واستقرارك العائلي وربما تعرضك لخيبة الأمل والخذلان فالتغيرات تخترق كافة جوانب حياتنا بدءًا من الحالة الاجتماعية والإنسانية وصولا الى الخسارة المادية التي تضعك أمام تحديات تفوق قدرتك على التأقلم وتجعلك تنحني وتتراجع وتندب حظك وتبحث عن الشماعة التي تحملها مسؤولية المآزق التي تعترض حياتك.

نواجه في حياتنا اليومية تحديات سطحية نستطيع التغلب عليها بجهود بسيطة لدرجة أننا لا نشعر بقوتها وبسطوتها علينا، لسبب بسيط وهو أن الحل واضح وبمتناول أيدينا، إن الربط بين العواصف التي تهاجم حياتنا وأدوات مواجهتها يكمن في وضوح الرؤية والتخطيط السليم حيث تتناغم تجاربنا اليومية البسيطة مع التحديات الكبيرة وهذا دفعني لمشاركتكم تجربة بسيطة تحمل في طياتها تأملات عميقة.

راودتني فكرة تحويل زاوية على سطوح منزلي الى حديقة هادئة تتزين بالورود وببعض الأعشاب للاستمتاع بنكهتها الطازجة في المشروبات الساخنة، لكن مشروعي المتواضع لم يكن مفروشا بالورود التي حلمت بها خاصة عندما تشتد الرياح في ساعات المساء وفي فصل الشتاء، فكان لا بد من البحث عن الحل الذي يحمي استمرارية حياة النباتات الرقيقة والضعيفة حيث قام زوجي بتركيب شوادر تقي النباتات من التقلبات الجوية.

لكن تبين لنا بعد ذلك ان الشوادر لم تستطع أن تصد الرياح، بل هي نفسها وقعت ضحية الرياح الغاضبة التي مزقتها وشتتها وهذا بدوره دفعنا الى فتح شقوق صغيرة في الشوادر حتى تجد الرياح منافذ صغيرة تخفف من حدة هيجانها بحيث تستطيع النباتات التأقلم مع كمية الرياح التي تخترق الشقوق.

هذه الرياح العاتية تجسد التغيرات الحياتية، الشادر هو نفسيتي ونفسيتك، أعصابنا لن تحتمل الصدمات الحياتية إذا تركناها متقوقعة على ذاتها، إذن، لا بد من التغيير فليس كل التغيرات سلبية ويتوجب علينا أن نفتح منافذ إيجابية قادرة على فتح آفاق أرحب من أجل تفادي الانهيار والفشل والضعف وتخطي كافة العقبات والامساك بزمام القيادة الى بر الأمان.

لا يوجد ضمانات للأمان والاستقرار ولا يوجد شيء ثابت، ومن الممكن أن تطالك رياح التغيير وتُلقي بك الى القاع، من هنا وانطلاقا من احتمالية التعرض للتحديات الحياتية لا بد من تهيئة نفسك وإعدادها لمواجهة كافة المستجدات وتذكري أنك وحدك صاحبة القرار وتملكين القدرة على المواجهة والتسلح بالقوة والحكمة والخبرة التي بإمكانك اكتسابها مع كل تغيير يطرأ على حياتك.

يجب أن ندرك أننا نسلك الطريق الخطأ في النهج القائم على لوم الاخرين والظروف والحالة الاجتماعية والسياسية، هذا النهج هو سلاح الضعفاء الذين سيغرقون في وحل الرمال المتحركة التي تشل حركتهم وتتركهم أسرى أحزانهم.

هذا العدد فيه من الدروس والعبر والنصائح ما يؤهلك لخوض حياتك متسلحة بالمسؤولية والقوة والقدرة على مواجهة التغيرات الحياتية.