بقلم رهام خير

في مواسم حياتنا المختلفة كثيرًا ما نتعرض لمواقف وظروف محددة ما تجعلنا نقف على عتبة اتخاذ قرارات حاسمة. وهذا القرار يكون المفتاح في كيفية استمرارنا، إما أن نستمر بفعالية وتأثير مدركين أن الحياة سوف تستمر بحلوها أو بمرها، أو نتقاعس ونبقى في أماكننا.

وهنا يأتي حديثنا عن المرأة الاستباقية والتي تتوقع ظروف صعبة وتُخطّط لتجنب النتائج السلبية بأخذ مواقف فعّالة من خلال التطلع إلى المشاكل على أنها فرصة للتغيير والتحسين. وعن المرأة التفاعلية التي قد تُصاب بخيبة أمل وتقف عاجزة بسبب ظروف لا يمكن السيطرة عليها.

من هذا المنطلق سوف أتحدث عن واحدة من نساء الكتاب المقدس المحببات على قلبي والتي أعتبر أن استجابتها تُمثّل امرأة فعّالة وسبّاقة حاولت إيجاد فرصة وتوقّع حدوث تغيير من خلال الأزمة التي كانت تمر بها. وهذه المرأة هي حنة أم صموئيل النبي المذكورة قصتها في صموئيل الأول.

ما كان يُعرف عن حنة أنها كانت امرأة متزوجة من رجل اسمه ألقانة والذي كان يسكن في الرامة، وكان له زوجتان حنة والثانية تُدعى فننه. وفننه أنجبت أولادًا، وأما حنة فلم تنجب. وبسبب هذا الشيء كانت حنة مرة النفس. وكانت فننه تُزعج حنة وتشمت بها بسبب أن الله لم يفتح رحمها، وكانت حنة تتضايق وتمتنع عن الطعام وتبكي، ونراها في المشاهد الأولى كالمرأة المستسلمة للظروف ولخيبة الأمل. لكن في إحدى المرات قررت حنة أن تأخذ المبادرة وتتعامل مع أزمتها بطريقة مختلفة، فقامت وذهبت إلى الله لتصلي. فسكبت حنة مشاعرها وقدمت دموعها المريرة ذبائح لله وقدمت نذرًا للرب فقالت: يَا رَبَّ الْجُنُودِ، إِنْ نَظَرْتَ نَظَرًا إِلَى مَذَلَّةِ أَمَتِكَ، وَذَكَرْتَنِي وَلَمْ تَنْسَ أَمَتَكَ بَلْ أَعْطَيْتَ أَمَتَكَ زَرْعَ بَشَرٍ، فَإِنِّي أُعْطِيهِ لِلرَّبِّ كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِهِ. بعد هذه الحادثة يذكر لنا النص الكتابي أن حنة قد حبلت وأنجبت ولدًا وأسمته صموئيل.

سبب اختياري لهذه الشخصية، هي أنني أرى حنة تجسد كل امرأة وفتاة فينا عندما نعبر في مواسم حزن وفقدان وخيبات أمل وعدم توفر احتياجات معينة، ونستنتج أن حنة أظهرت موقفين مختلفين، فالموقف الأول والفوري كان شعورها بالحزن وخيبة الأمل واستسلامها للظروف وللتعيير والشتيمة بسبب أن الله لم يعطها طفل وبقيت على هذا السلوك سنين عديدة لكن واضح أن حنة لم تعد عالقة في ذاك الموقف إذ أنها اختارت وحتى لو بعد فترة بأنها ستتحرك وتأخذ مبادرة لتغيير حالها، بمجرّد أنها انتفضت وقررت أن تنهج منهجاً مختلفاً للتعامل مع هذه الأزمة والعوامل الخارجية بتسليم أمرها لله مُقررةً أن تتغاضى عن إزعاج فننه ومُتوقّعةً التغيير ومُخطّطة لحدوثه “…وَذَكَرْتَنِي وَلَمْ تَنْسَ أَمَتَكَ بَلْ أَعْطَيْتَ أَمَتَكَ زَرْعَ بَشَرٍ، فَإِنِّي أُعْطِيهِ لِلرَّبِّ كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِهِ”.

من الممكن أن تُشير فننه إلى الأمور المتعددة التي قد تُضايقنا وتغيظنا وتجعلنا محبَطين. فالتغيير والترفّع عن هذه الأمور يأتي بقرار شخصي بعد اجتياز الإنسان برحلة نمو ونضوج تدفعه إلى أن ينهج بعقلية مختلفة ويأخذ موقفاً استباقياً. ففي بعض الأحيان يكون العائق من أن نكون مؤثرات وفعالات في المجتمع هو أنفسنا. فنحن من نضيق أو نوسع على أنفسنا. فالله أعطانا القدرة والحكمة والنعمة لكي نحيا الحياة الأفضل بحلوها ومرها وتقع مسؤولية الإنسان بأن يرى في تلك الظروف فرص للنمو وإحداث التغيير.

فاليوم ما الذي يمنعك من أن تكوني مؤثرة وفعالة؟ أشجعك عزيزتي أن تختاري أن تكوني امرأة فعالة في مجتمعها من خلال استغلال الظروف المحيطة بكِ  لتدفع بكِ وتُشجعك لتكوني أفضل نسخة من نفسك وتساعدي الآخرين ليكونوا أفضل نسخة من أنفسهم أيضاً.