المرأة في عيون الله

بقلم حنان غريب

طالبة دراسات كتاب مقدس في كلية بيت لحم للكتاب المقدس-

لم يكن بعيدا عن الله الكلي القدرة أن يأتي بابنه الوحيد الى هذه البشرية بطريقة مختلفة. فهو الإله الذي لا يعسر عليه أمر، ولكنه اختار بحكمته أن يأتي به من رحم امرأة بالروح القدس. فاختار الرب العذراء مريم لتتميم مقاصده وتحقيق الوعد الكتابي “أنت تسحقين عقبه” (تك15:3). هذا يُعتبر واقع تاريخي وكتابي ندرك من خلاله القيمة العالية والنظرة العميقة التي ينظر بها الله إلى كل امرأة.

وعند عودتي الى قصة الخلق، أنظر إلى آدم وأتأمل به فأجده يتمتع بمشهد رائع حوله، خليقة كاملة وطبيعة خلابة في جنة عدن وبالرغم من روعة كل ما هو متواجد حوله إلا أن المشهد لم يكتمل إلّا بخلق حواء.  وقال الرب الإله: “ليس جيدا أن يكون آدم وحده، فأصنع له معينا نظيره” (تك18:2)  ومن هنا نستطيع أن نلمس بوضوح أن المرأة في نظر الله كانت نقطة الاكتمال كي تتم الخليقة بصورتها المثالية. 

لعبت المرأة أدوار مختلفة في شتى المجالات في الكتاب المقدس، وكأن الله يُعلن ويُوضح لنا عن أدوار وإمكانيات المرأة المُتعددة وكل ما بإمكانها أن تُنجزه. فنراها  الملكة في قصة استير تنقذ شعبا بأكمله. ونشاهدها امرأة مصلية تمثلت في حنة “وَهِيَ أَرْمَلَةٌ نَحْوَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِينَ سَنَةً، لاَ تُفَارِقُ الْهَيْكَلَ، عَابِدَةً بِأَصْوَامٍ وَطَلِبَاتٍ لَيْلًا وَنَهَارًا.” (لو 2: 37). وفي راعوث نُعاين أفضل مثالا للتضحية والمحبة الصادقة لتجسد لنا كنة تحمل في قلبها محبة المسيح. وكذا النبية دبورة التي ظهرت كامرأة شجاعة وقائدة لحرب تثق بتوجيه إلهها وترفض الهزيمة والاستسلام. وهناك أمثلة متعددة تحمل في طياتها تجسيد حقيقي لقيمة المرأة في عيني الله.

لكن ما يلفتني في هذه الدائرة ومن هذه الأمثلة قول الرب يسوع: ” كَمَا أَنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ لَمْ يَأْتِ لِيُخْدَمَ بَلْ لِيَخْدِمَ، وَلِيَبْذِلَ نَفْسَهُ فِدْيَةً عَنْ كَثِيرِينَ».” (مت 20: 28) فأكاد لا أجد امرأة لا تبذل ولا تعمل جاهدةً بقلب العطاء والتضحية خادمة كل من حولها، فنرى الطبيعة الأنثوية من صفات طبيعة الرب يسوع البارزة وهي الخدمة. ومن أروع الأوصاف التي ذُكرت في الكتاب، هي وصف الله بالأم، حيث يقول:  “إن نسيت الأم رضيعها فأنا لا أنساك”. هذا بالإضافة لتشبيه الله شعبه وكنيسته بالمرأة التي تحظى وتفوز بمحبته ورحمته “مَحَبَّةً أَبَدِيَّةً أَحْبَبْتُكِ، مِنْ أَجْلِ ذلِكَ أَدَمْتُ لَكِ الرَّحْمَةَ.” (إر 31: 3).

وهنا، أختي العزيزة ما الذي تبحثين عنه؟ أتبحثين عن الاحترام عن التقدير؟ أتحاولين إيجاد قيمتك في أعين البشر؟ فلا تفعلي من فضلك! بل وجهي سعيكِ وارفعي عينيكِ نحوه  واستمدي صورتك وقيمتكِ من كلمته الحية. انطلقي كي تكوني تلك المرأة الفاضلة بثمن يفوق اللآلئ، البسي العز والبهاء وافتحي فمك بالحكمة فتكونين حياة لكل من حولك فقد دٌعيت منذ البدء “أم كل حي”.