من كتاب الزواج، ملامح الطريق لعلاقة حب متجددة

تأليف نكي وسيلا لي

إن تجريد الزواج من وقت يقضيه الزوجان معاً يعادل حرمان شخص من الهواء أو نبات أو ماء. بعض النباتات تتحمل العطش أكثر من غيرها، ولكن في النهاية سيذبل ويموت.

يصف روب بارسونز Rob Parsons المدير التنفيذي لمؤسسة Care for the Family ما يسميه “الوهم الكبير”: يمكنك أن تسير بعدة جداول للأعمال في حياتك، لكن لا يمكنك أن تنفذها جميعاً بالكامل دون أن يكون هناك من يدفع الثمن. لدينا الكثير جداً من الأعذار. العذر الأساسي هو أننا نقنع أنفسنا أن أياماً أقل ازدحاماً ستأتي. إننا نقول لأنفسنا، وعندما تنتهي من ترتيب البيت، عندما احصل على ترقية في عملي، أو عندما أجتاز هذه الامتحانات، سيكون عندي المزيد من الوقت. ” إن كل مرة نقول فيها: “ليس الآن يا حبيبتي” نقول لأنفسنا لا بأس لأن أياما أكثر راحة قاربت على المجيء. وبنفس الطريقة ندرك، هنا والآن، أن الأيام الأكثر راحة ما هي إلا وهم. كلنا لدينا الإمكانية أن نملأ أوقاتنا. هذا هو السبب في أننا نحتاج أن نوجد الوقت للأشياء التي نعتقد أنها مهمة ونريد أن ننجزها الآن.

إن قضاء وقت مع من نحبهم لا يحدث تلقائياُ، بل يحتاج قراراً واعياً حاسماً، يظن أغلب الزوجات والأزواج قبل الزواج أنهم سيقضون كل لحظة ممكنة معاً. يصف تشابمان Gary Chapman، وهو يقدم المشورة للمتزوجين، ذلك جيداً:

تكون خبرة “الحب” متأججة وهي في ذروتها. حيث نكون ممتلئين بالعواطف نحو بعضنا البعض. فعندما نذهب للنوم يفكر كل منّا في الآخر. وحين نستيقظ يكون الآخر هو أول فكرة تخطر ببالنا. إننا نشتاق لأن نكون معاً. وحين نمسك بأيدينا معاً يبدو أن دمنا يتدفق كوحدة واحدة. الخطأ الذي وقعنا فيه، هو أننا اعتقدنا أن ذلك سيستمر للأبد.

ثمة ما يدفعنا للاعتقاد بأنه إذا كنا فعلاً في حالة حب، فإن هذه العواطف لا يمكن أبداً أن تتلاشى، غير أن أبحاث علماء النفس تشير إلى أن هذه الحالة ربما تدوم في المتوسط لمدة سنتين. بعد ذلك الوقت لا يستطيع الزوجان أن يستمرا في الاعتماد كلياً على مشاعرهما، بل يجب أن يتخذا قراراً بأن يحب أحدهما الآخر.

بمجرد أن نتزوج، سرعان ما يفقد ذلك الوقت الذي نقضيه معاً أولويته. ولكوننا نعيش تحت سقف واحد، فإننا بسهولة شديدة نظن أننا لا نحتاج لتنظيم أوقاتنا معاً، ونبدأ في أن يأخذ كل منا الآخر كحقيقة واقعة مسلم بها. إننا مقتنعون أن المتزوجين يحتاجون لأن يستمروا في التخطيط لقضاء وقت خاص معاً. إن الجهد الذي بذلناه لكي نتقابل حينما كنا في بداية حبنا، والتوقعات والشغف، ومختلف الأوقات والأماكن، كل ذلك زاد من المتعة. إن كنا بعد الزواج نستمر في فرز وقت نقضيه معاً فستظل الرومانسية حية في حياتنا، وستكون لدينا الفرص للتواصل بفاعلية، وسيتعمق فهم كل منّا للآخر. وسيخلق انتظام ذلك الوقت وطبيعته نوع العلاقة الحيدة على مدى حياتنا.

سعينا دائماً في حياتنا الزوجية أن نضع نظاماً ثابتاً للقائنا معاً، لكل زوجين ما يناسبها من نظام، لكننا نعرف أنه بدون نظام، سنفشل في قضاء وقت كاف معاً. حينما نسأل عن أمر واحد مهم على الزوجين أن يعملاه لكي يحافظا على زواجهما وحبهما في حلة جيدة على مدى السنين تكون إجابتنا هي:

خططا لقضاء وقت معاُ كل أسبوع، على الأقل لمدة ساعتين وحدكما.

لأننا قد لا نعرف معنى كلمة “مواعدة” في ثقافتنا، فإننا نستخدم تعبير “الوقت الخاص” (رانديڤو) وهذا هو التعبير الذي نستخدمه لهذا الوقت! هذا الوقت يٌقصد به أن يكون مختلفاً عن أي وقت نقضيه معاً على مدى أيام الأسبوع. فأي مساء في البيت يمكن أن يتحول للحديث عن دفع التزاماتنا وإصلاح ما يلزم بالبيت أو الغسيل أو غير ذلك من أمور تتعلق بالبيت والأسرة. لا يمكن تجنب هذه الضرورات العائلية في حياتنا، لكن إن كنا نتفاعل لكي نتحدث حول التزاماتنا فقط. فإن تواصلنا سيختنق وحبنا سيعاني.

إن التخطيط الجيد لوقت نقضيه معا يشعل الرومانسية في حياتنا. ولا يتطلب الأمر تنظيماً مرهقاً: الشموع على المائدة، وموسيقى هادئة، وتحضير وجبة سهلة أو طلبها من الخارج (لإعفاء الزوجة من تحضيرها) وعدم الرد على التليفون. هذا كل ما يجب عمله. يجب أن تكون هذه الأوقات ممتعه وتترك معنا ذكرى. يمكننا أن نذهب إلى السينما أو للعشاء. إنه وقت لنسير يداً في يد، وقت للضحك، وقت لنتمتع بعمل أشياء معاً، وفوق كل شيء إنه وقت لنتحدث. هذا هو الوقت الذي نتشارك فيه حول أمالنا ومخاوفنا ومباهجنا وما يقلقنا، صراعاتنا وإنجازاتنا. هذا إن المواظبة على هذا الوقت معاً، ليس بالأمر السهل، فهناك ما يقف الأولاد من مكان لآخر أو ضغوط طبيعية من أشياء أخرى يجب عملها، الكثيرون منّا يغلبهم الإرهاق في نهاية اليوم، حيث يكون أسهل اختيار هو الجلوس أمام التلفزيون معاً بالجسد، بينما نكون بعيدين بالعقل.

عرفنا من خبرتنا أن المواظبة على وقت نقضيه معاً كل أسبوع، يلزمه ثلاثة التزامات. أولاُ أن تخطط له. يجب على كلا من الزوج والزوجة أن يفحصا جداول مواعيدهما بدقة لإيجاد أفضل وقت في كل أسبوع. هذا سيعتمد على ما إذا كان مكان عملنا قريباً أم بعيداً عن البيت. علينا أن نجد ما يناسبنا أكثر من غيره. الآن وقد كبر أبناؤنا، وبسبب نوعية أعمالنا، اكتشفنا أن الغذاء معاً لمدة ساعتين هو أفضل وقت لنا. نسجله في جدول مواعيدنا. مرة كل أسبوع، ونجعله التزاما ضرورياَ، كما لو أننا قبلنا دعوة أو موعداً. ولأن أوقاتنا مشغولة. فإننا نخطط لبرامجنا مرة كل ثلاثة شهور مقدماً ويضع كل منّا اسم الآخر في جدوله مرة في الأسبوع مثل أي موعد آخر.

ربما يبدو للبعض أنهم لا يحتاجون إلى التخطيط لوقت للقضاء معاً، كزوج وزوجة. غير أن هذا الوقت الذي نقضيه معاً قد يكون الأمر الأول الذي يتراجع دون أن نشعر من علاقة الحب التي تربطنا. إننا لا نرتب أنفسنا على أن يتجاهل أحد منّا الآخر، بل إن الروتين في حياتنا اليومية يسرق الوقت الذي نقضيه معاُ.

الالتزام الثاني، هو أن نجعل لهذا الوقت معاً أولوية. هذا يعني أن ندرك أهميته قبل الأشياء الأخرى المهمة الكثيرة التي يمكن أن نعملها في أوقات فراغنا، مثل رؤية العائلة العمل في البيت، الذهاب إلى أحد الاجتماعات في الكنيسة. إن وضع لقائنا معاً كأولوية قصوى هو مؤشر قوي على حبنا.

كثيراً ما فشلنا في ذلك في بداية زواجنا. عندما كان آخرون يدعوننا لعمل أي شيء معهم، لم يكن في الطيب أن نقول إننا على موعد معاً. أما الآن، بدل من أن نقول لهم: “سنقضي هذا الوقت بالبيت” صرنا نقول: ” نتأسف جداً فإننا مشغولان”، دون أن نقول ماذا سنفعل. إذا تلقينا دعوة متميزة، ووجدنا أنها تعارض مع لقائنا معاً، فإن بيننا اتفاق ألا نقبل أي دعوة دون أن نتشاور معاً. أحياناً نغير موعدنا إن كان هناك بديل في نفس الأسبوع.

الالتزام الثالث، هو أن نحمي هذا الوقت بالأمور العارضة تدمر هذا الوقت. التليفون مثلاً من الأمور التي تؤثر على هذا الوقت، خاصة أن بعضنا لا يستطيع مقاومته، وآخرين يجدون صعوبة في التوقف عن الحديث لساعات. إن كنا أحد هؤلاء، فعلينا أن نفكر في إغلاق الهواتف تماما.

بالنسبة لآخرين، العائق الأكبر هو التليفزيون او التلفونات المحمولة، حيث يمكن بسهولة شديدة أن يستهلك ساعات كل أسبوع، يمكن قضاء بعضها في الحديث معاً. كتب ألان سوركي في كتابه “الزواج وأزماته المعاصرة”: ” إن تأثير التليفزيون كراحة من العلاقات في البيت قوي جداً، وتأثيره على المشاركة في الزواج موحش جداً. يأتي إلينا التليفزيون مشكلة، فاعمل شيئاً بخصوصه. خذه خارج حجرة المعيشة، أو ليكن بيتك منطقة منزوعة التليفزيون.

إننا نحاول أن ننظم لقاءنا معاً على أن يكون في مكان لا نتعرض فيه لمقابلة أحد من معارفنا. إن الاحتياج للعائلة والأصدقاء مهم، لكنهم ليسوا أهم من الوقت الذي نستثمره لصالح زواجنا.

كلما ازدادت مشغوليتنا، زاد أهمية ذلك الوقت، وزاد عدم إمكانية إيجاده.  وحينما نقضي وقتاً معاً فإننا نختبر الإحساس بأن الأسبوع يبدو أكثر اتزاناً، وأننا غير مشحونين بالالتزامات اليومية، كما أننا نتعامل مع بعضنا البعض بطريقة أفضل ومع أولادنا أيضاَ.