بقلم داماريس نواورة

كثيراً ما طُرح على مسامعنا في هذه الفترة سؤالاًعن العادات الصحية والمهارات الجديدة التي تبنيناها ومارسناها في فترة الكورونا.

في ظل هذه الفترة التي عمَّ فيها الملل والجلوس لمدة طويلة في المنزل اضطررنا جميعاً للبحث عن طرق نشغل بها أنفسنا. فمثلاً؛ هناك من طوّرت مهارات القراءة والكتابة أو الاعتناء بالنباتات والزراعة، وهناك من اهتمت بالطبخ وصنع الحلوى، ومن تدرّبت على الاسترخاء والراحة أو ممارسة الرياضة وغيرها.

ومع الوقت أردنا لهذه المهارات أن تُصبح عادة وروتين، وهنا يأتي دور الانضباط. لكي نستمر في عمل أمر ما علينا أن نضبط أنفسنا ونلتزم بالقيام به ونجعله في قائمة أولوياتنا وبرنامجنا.

وأنا شخصيا أدرك صعوبة الانضباط، فكثيراً ما أجد نفسي أحيد عن الطريق التي وضعتها للوصول إلى هدف ما أو عن برنامج يومي خططت له. وهنا أشعر بالفشل وفي صعوبة تحقيق ما رجوته بتبني نمط حياة سليم، ولكي لا أستسلم لهذه المشاعر وضعت نصب عيناي هذه المقولة:Mistakes are proof that you are trying وإن كنتِ اليوم في ذات المكان معي فأقول لك عزيزتي، “لا تيأسي” وسأحاول أن أقدم لك بعض النقاط التي تساعدك على الانضباط وتحقيق هدفك بجعل تلك العادات الصحية روتين.

1) فكر المسيح

بقصد وضعت الفكر في النقطة الأولى، لأن أفكارنا تؤثر وتنتج سلوكنا وأفعالنا. يقول الكتاب المقدس؛ أن الله لم يعطنا روح الفشل بل روح القوة والمحبة والنصح (2تي7:1) وكلمة النصح تأتي بترجمات أخرى عديدة ضبط النفس/الانضباط Discipline.

إن الله يعرف طبيعتنا وأننا أواني ضعيفة حتى في إرادتنا لذلك هو سيمنحنا القوة الكافية لنريد ونفعل، أي الإرادة والفعل لضبط النفس والاستمرارية لبناء حياة (عادات) صحية.

2) الاستعانة بصديق

هل اختبرت يوماً أن اثنان خيرٌ من واحد؟ أشجعكِ اليوم أن تبحثي عن صديقة/شريكة تتشارك معكِ ذات الهدف ليكون لك الحافز ويدفعك للاستمرار بما بدأت به، فستجدين نفسك ملزمة ومسئولة اتجاهها.

مثال شخصي: أردت أن أتبنى عادة حفظ الكلمة (آيات من الكتاب المقدس)، فقمت مع صديقتي بوضع خطة لحفظ مزمور 18 المكون من 50 آية. إذ قُمنا بتشجيع بعضنا لإنهاء الحفظ والاستمرار فيه.

3) التشجيع

تتفاوت نسبة احتياجنا للتشجيع من شخصية لأخرى، لكن جميعنا دون استثناء عندما نسمع كلمات التشجيع نجد حافز ودافع للاستمرار. فإن وجدتي من يُشجعكِ فهذا رائع! لكن دعينا اليوم نتعلم أن نكون نحن المشجعات لأنفسنا. قولي لنفسك كلمات تشجيعية وكافئي نفسك أو حتى صفقي وافرحي بإنجازك لأمر صغير أو هدف وضعته اليوم، فالنجاح ليس فقط عند نقطة النهاية بل هو يومي.

مثال شخصي: أحاول منذ فترة أن أتبنى نظام حياة صحي، فأضع لنفسي أهداف قريبة وبعيدة المدى وبرنامج يومي اتبعه. ومع أنني في بعض الأسابيع انجح يومين أو ثلاثة فقط بالالتزام الا أنني مع كل يوم نجحت فيه قلت لنفسي: برافو! اليوم نجحت واستطعت الالتزام حسب البرنامج. وهكذا أضفت يوما آخر إلى نجاحي الأسبوعي.

4) المحاسبة

اعتقدت أن المحاسبة أمر يعلن عن عجزي وعدم كفايتي فحاولت مراراً أن أهرب منه.

لكن اليوم أدرك أن المحاسبة مهمة للانضباط. وقد تكون هذه المحاسبة بشكل لائحة تضعينها تشمل أهدافك وأهم ما تريدين فعله يوميا ومبادئ حياتك. أو قد تكون شخص قريب منك ذو خبرة ونضج عالي.

مثال شخصي: مرشدتي الروحية.

5) البيئة

هناك مقولة شعبية شهيرة تقول: ” قل لي من تعاشر أقول لك من أنت!”

تماما تصف تأثير الآخرين علينا. لذلك أقوم بانتقاء الأشخاص المقربين لي، فمنهم تعلمت كيفية الاستمرارية وكانوا تشجيعاً ودعماً لي. وكلما رأيت أنهم استطاعوا أن يتبنوا عادات صحية ونجحوا في نهج حياة سليمة ملأتني غيرة مقدسة دفعتني للمحاولة والاستمرار.

مثال شخصي: إنني أسأل باستمرار من أرافقهم، عن نجاحهم وكيف استطاعوا تحقيق أهدافهم أو بماذا استعانوا للنجاح وماذا دفعهم للاستمرارية.

6) أتدرب

أقدم لك هذه الكلمة الجوهرية “أتدرب”.

لا أحبذ استخدام كلمة فشلت أو أفشل في عمل ما، بل أقول أنني أتدرب. فكلما سقطت ولم انجح اسأل نفسي لماذا أو بماذا وأين أخطأت؟ وهكذا أتعلم وأحاول مرة أخرى.

تذكري أننا لن نصل إلى المباريات النهائية ما لم نتدرب كثيراً قبلها، هذه هي قوانين الرياضة تماماً مثل الانضباط.

أخيرا عزيزتي أنا وأنت نتدرب في ميدان الانضباط ونسعى أن ندرك الغرض، وفي الطريق لابد لنا من اجتياز العقبات لكنها لن تمنعنا من الاستمرار.

“أَيُّهَا الإِخْوَةُ، أَنَا لَسْتُ أَحْسِبُ نَفْسِي أَنِّي قَدْ أَدْرَكْتُ. وَلكِنِّي أَفْعَلُ شَيْئًا وَاحِدًا: إِذْ أَنَا أَنْسَى مَا هُوَ وَرَاءُ وَأَمْتَدُّ إِلَى مَا هُوَ قُدَّامُ.” (في 3: 13)

وقد تكون لديكِ أفكار ونقاط أخرى ساعدتك على الانضباط وبكل تأكيد ستساعد آخرين حولك، لذا أشجعك اليوم أن تشاركي خبراتك وتكوني سبب بركة. (أُبَارِكَكَ وَأُعَظِّمَ اسْمَكَ، وَتَكُونَ بَرَكَةً.” تك 12: 2)