من كتاب الزواج، ملامح الطريق لعلاقة حب متجددة

تأليف نكي وسيلا لي

“من الناحية النظرية، أنا وزوجي غير متوافقين، وهذا مكوّن مهم في الشركة الجيدة.”

“لا يمكن عمل التغيير دون إزعاج، حتى لو كان التغيير من السيئ للأفضل.”

كشف بحث عن الأسباب الرئيسية وراء الجدال بين الأزواج والزوجات في بريطانيا أن المال يأتي على قمة القائمة، يليه العادات الشخصية (خاصة عدم النظام)، بعد ذلك الأولاد، فالأعمال المنزلية، فالجنس، فالأهل والأصدقاء. نشرت جريدة التايمز قبل عيد الحب بيومين تقريراً عن البحث جاء فيه: “إن أكثر الأشياء الجدل شيوعاً تبدأ بتوترات حادة يتبعها فقدان تام للتواصل.” في رأي أحد المشيرين في أحوال الزواج: “إن الطريقة التي يتناول بها الزوجان مناقشاتهما هي أهم المؤشرات المحورية عما إذا كانت علاقتهما ستنجح أم لا.”

الزواج يتم بين شخصين لكل منهما خلفيته المختلفة عن خلفية الآخر، ولكل منهما شخصيته المختلفة، ورغباته ووجهات نظره المختلفة وأولياته المختلفة، وهما يرتبطان معاً في أكثر العلاقات حميمة لبقية حياتهما. هذا بالإضافة إلى الأنانية المتوارثة في الطبيعة الإنسانية: الرغبة في عمل الشيء بطريقتي، وحفظ حقوقي، والتصديق على آرائي، والسعي وراء اهتماماتي.

علقت إحدى السيدات التي تزوجت منذ ستة أشهر بأنها تفاجأت بما تعلمته عن نفسها من خلال الزواج أكثر مما تعلمته عن زوجها: “بدأ الأمر كما لو كان هناك مرآة أمام وجهي فرأيت كم كنت أنانية”. فمن أجل كل المباهج التي ننالها في إطار حميمة الزواج، تتقلص بشكل خطير حريتنا في أن نفعل ما نريد.

أذكر بدقة شديدة إحدى المجادلات التي دارت بيني وبين زوجي، كانت ابنتنا الكبرى عمرها ستة أشهر، وكنا نعيش في اليابان، وقد دعانا أحد أصدقائنا وهو أعزب، ويعيش على بعد 300 كيلومتر منّا، أن نقضي معه عطلة نهاية الأسبوع. كان هذا الصديق مسلياً جداً، وطاقته لا حدود لها، وكلما ذهبنا لقضاء عطلة نهاية الأسبوع عنده، كان يعد حفلات إفطار أو يدعو الأصدقاء لشرب القهوة في الصباح، ثم يستضيف البعض على حفلات الغداء والشاي والعشاء.

في يوم الأربعاء السابق لذهابنا عبرت عن قلقي بشأن عطلة نهاية الأسبوع نظراً لشعوري بالإرهاق بسبب رعايتي لطفلة عمرها ستة أشهر، وتوقعت أن عطلة نهاية الأسبوع بصحبة ابنتي الصغيرة ومقابلة الكثيرين ستقضي علي. كان زوجي عنيداً، فقد قبل الدعوة وهو يعرف أن عدداً من الحفلات نظم بسبب وجودنا، كان علينا أن نذهب.

شعر كل منّا أن وجهة نظره تستحق الاعتبار، وعندما فشلت في إقناعه بكلامي، وبدا أنه لم يقدّر مقدار تعبي استشطت غضبا. ومن سوء حظه أننا كنا في موسم التفاح في اليابان، وقد اشترينا منه صندوقاً كبيراً، ورتبناه على شكل هرم في سلة وبدءاً من قمة الهرم أخذت في رشقه بالتفاح واحدة بعد الأخرى عبر الحجرة.

نجح زوجي في تفادي بعض الجروح الخطيرة بالاحتماء خلف الكنبة حتى فرغت السلة. ويشعر بالسعادة أن ذلك كان الشيء الوحيد الذي رشقته به، رغم أنني وبسهولة شديدة أستطيع أن أرشق بالكلمات عندما أغضب.

إن الخلافات والنزاعات، إما أن تبني أو تدمر الزواج. عندما يحاول أي الزوجين أن يعمل ما يريد، ويحاول قدر إمكانه أن يغير الآخر حتى يجعله يفكر بطريقته عادة ما تكون النتيجة حرباً في خنادق نحفرها لكي ندافع عن مواقفنا، ونحمي أنفسنا بأن نضع الآخر في ركن ونكيل له الهجمات، قد يبدو أحدنا وقد كسب المناقشة، ولكن الحقيقة هي أن كلاً منّا خسر، بسبب اتساع الفجوة بيننا لتصبح بمثابة منطقة منزوعة السلاح، تمتلئ بالأسلاك الشائكة والتعليقات الشائكة، والألغام التي لم تفجر بعد، والأمور التي لم تحل بعد. لقد دمر النزاع حميمة علاقتنا. علينا أن نتعلم العيش مع اختلافاتنا.

فقد يؤدي الخلاف إلى النمو عندما يعد من الزوجين لمحاولة التعامل مع النزاع معاً، قد يتطلب الحل، بالطبع، تغييراً جذرياُ. إن السياق الثلاثي الأرجل يعني أن الزوجين يحاولان أن ينظما خطواتهما معاً. وقد لاحظ المصلح الكنسي مارتن لوثر أن هناك طريقتين يتخلى بها الإنسان عن أنانيته، ويتشبه بيسوع المسيح. الطريقة الأولى أن يلتحق الشخص بالدير، والثانية أن يتزوج!

فيما يلي الخطوة الأولى نحو الخلافات بطريقة فعالة.

إدراك اختلافاتنا

تميز كل فرد قد يؤدي إلى النزاع، لكنه أيضا قد يؤدي إلى الإثارة وتلون الحياة، لو كانت لدينا نفس وجهات النظر حول كل شيء لكان الزواج مملاً. الأمر يتعلق بعمل الفريق، وفي أكثر الفرق فعالية، يساهم الناس بمواهبهم المختلفة، وأمزجتهم ووجهات نظرهم المختلفة، هذا من أجل الصالح العام. فلا يصبح فريق كرة القدم فعالاً إذا كان كل الأحد عشر لاعباً مدافعين. ولا أحد يهتم بعمل التفاصيل.

سنكتشف اختلافات كثيرة فيما يتعلق برؤيتنا للحياة وكما هو معروف أن الأقطاب المختلفة تتجاذب. إننا ننجذب بغير وعي نحو من يجعلنا نشعر بأننا كاملون، هؤلاء هم من فيهم صفات نفتقدها. ما يحدث في بداية علاقتنا، هو أن كلاً منا يكيف حياته على الآخر. الكثير من الأزواج والزوجات لا يدركون اختلافاتهم الأساسية. إن هيامنا في الحب في فترة الخطبة وأول زواجنا يجعلنا أكثر تسامحاً وأكثر إقبالاُ على تكيف سلوكياتنا لتلاءم الآخر. وعندما تنتهي “مرحلة شهر العسل” يمكن أن تصبح تلك الاختلافات التي جذبت كل منّا للآخر، هي نفسها ما يضايقنا ويؤدي إلى النزاع.

في هذه المرحلة يتبدل التكيف مع الآخر بمحاولات إزالة الاختلافات. إننا نحاول إجبار شريك الحياة على أن يفكر ويتصرف مثلنا. على سبيل المثال، إن كنا نحب التخطيط المسبق، فإننا نتوقع من الآخر أن يعمل نفس الشيء، وإن كنا نضغط على أنبوبة معجون الأسنان من أسفل، فإننا نتوقع من الآخر أن يعمل نفس الشيء. إننا نطلب طلبات، ونؤثر، ونتضايق ونعبر بكلامنا عن عدم رضانا، كل هذا بلا شك يطفئ الحميمية. من المحزن، أن الكثير من الأزواج والزوجات يستنتجون في النهاية أنهم غير متوافقين، لكن الأمر ليس كذلك، فيمكن أن تؤدي الاختلافات إلى التكامل، وبذلك تعمل لصالحنا، نحتاج لأن نتوّجه نحو تقدير اختلافنا عن بعضنا البعض بدلاً من أن نحاول إزالة هذه الاختلافات.

إليك بعض النقاط العملية:

  • حاولي بدلا من التركيز على الاختلاف، أن تظهري إعجابك وتقديرك لشخصية زوجك، والتركيز على الصفات الحسنة.أبدي إعجابك وتقديرك له حينما تكونان برفقة أشخاص آخرين.
  • أظهري إعجابك وتقديرك للعمل الذي يقوم به زوجك. احرصي على عدم التقليل من شأن العمل الذي يقوم به. فهذا يقلل من ثقته من نفسه.
  • تعلمي عدم توجيه ردود فعل سلبية مباشرة. تعلمي الإصغاء إلى ما يقوله والتعبير عن رأيك. تعلمي أن تردي بطريقة إيجابية واطلبي من الرب المزيد من اللطف والصبر. أمثال 31: 26 ” تفتح فمها بالحكمة وفي لسانها سنة المعروف.”
  • مارسي الشكر والامتنان على الاختلافات التي بينكما، وحاولي كلاميا بتوجيه ثلاث عبارات يومياً تعبيراً عن امتنانك له ولما يقوله أو يفعله.

وسنتابع العدد القادم في فهم شخصياتنا المختلفة تأثيرها على تفاعلاتنا.