من كتاب الأمومة مسؤولية وليست فقط دور.

بقلم د. مدلين سارة أخصائية تربية ومستشارة نفسية مسيحية.

كيف تكونين قدوة حسنة ؟

إن الأطفال مقلدون صغار وحين يكبرون سيتمثلون بمن عاشوا معهم لأنهم يلاحظونك يوميا. ويمكنك أن تلحظي ذلك منذ ولادتهم ويقول أخصائي نفسي يدعى جيمس واطسون أن الأطفال حين يولدون يكونون مثل صفحة بيضاء، بإمكانك أن تكتبي فيها ما تشائين. وأنا أؤيد أنها طبعا جزءا من الحقيقة، فالأولاد يولدون بسمات وأمزجة خاصة، إلا أن لديهم القدرة على أن يتعلموا أنماط سلوكنا وأحاديثنا. فالطفل حديث الولادة لديه قدرات على الإدراك والاستيعاب.فهُم يسمعون ما نقول ويرون ما نفعل، إذ أن الأبحاث الحديثة تنفي الفكرة السائدة في مجتمعنا منذ الستينات التي تدّعي أن المولود الجديد لا يفهم ولا يدرك ما يحصل حوله وأن حواسه محدودة. لذا لا نستطيع أن نخفي عنهم اتجاهاتنا وتناقضاتنا الذاتية ظنا منها أنهم لا يرونها داخلنا.

فأسالي نفسكِ هذه الاسئلة المهمة: هل يرى أطفالنا إيماننا بوضوح من خلال أعمالنا وسلوكنا؟ وهل إيماننا عميق بحيث يؤثر في أطفالنا ؟ هل نستطيع أن نطلب منهم اعتمادا على هذا الإيمان أن يتبعوا مثالنا كما نتبع يسوع المسيح . فيقول القديس بولس في الرسالة الأولى إلى كورونثوس 11 : 1 ” كونوا متمثلين بي كما أنا أيضا بالمسيح ” اسألي نفسك حول هذه القضية وكوني مستعدة للتغيير، وإلا فلا تتوقعي من طفلك أن يتغير. وقد تدّعي أنك تقرئين كل يوم الكتاب المقدس وأنك تصلين وتعلميهم الصلاة. اسمحي لي أن أرشدك أن هذه الحقيقة غير كافية، فهم يراقبون اتجاهاتك اليومية وكيفية تعاملك مع الناس وأساليبك في حل المشاكل، وهم يراقبون كل تحركاتك وطباعك. يشاهدونك كيف تحبين الاخرين أو لا تحبين الاخرين، كيف تتحلين بالصبر والروح الطيبة أو كيف أنت عصبية وقصيرة الروح وسريعة الغضب. يستمعون الى كلامك اللطيف عن الناس أو انتقاداتك ونميمتك على الناس. وأنت تعتقدين أن أطفالك لا يهتمون ولا ينتبهون الى هذه الأمور، وأنت خاطئة جداً جداً.

كيف تكونين معلمة ناجحة ؟

من المزايا الرئيسية للمعلم أن معرفته أوفر وأغنى من معرفة طلابه، إلى جانب أنه يقوم بتحضير دروسه، فيتقنها ويلم بها ليكون على استعداد لتقديمها. فهل تعرفين أكثر مما يعرفون؟ وهل تدرسين باجتهاد؟ فكلما عرفت أكثر عن الكتاب المقدس أصبحت قادرة على أن تعلمي أطفالك أكثر، وكلما تعلمت أكثر من الرب من خلال الكلمة والصعوبات التي مررت بها ومن الاخرين، استطعت أن تعطي أكثر، وعندها لن تكون كلماتك سطحية وجوفاء، بل مليئة بالمعاني والعمق وعندها أيضا سيحترمك أبناؤك لأنك تعرفين أكثر منهم، كما يحترمون المعلم وكلما أظهرت إخلاصاً في إيصالهاإليهم ازدادت ثقتهم بك، فيا أيتها الأم اعتمدي على معلوماتك واستعدادك للتعلم وعلى صدق إيمانك، فغن حياة أطفالك ستعتمد عليك لاحقا.

كيف تكونين خادمة جيدة ؟

يجدر بك أن تكوني قدوة حسنة ومعلمة جيدةوعندئذ فقط ستتمكنين من رعاية أطفالك في الإيمان بفضل عمل الروح القدس في حياتك، فكما تقول كلمة الله “لا بالقوة ولا بالقدرة بل بروحي قال الرب الجنود”.

وما نعنيه بالخدمة هو أي عمل نقوم به أو كلمة نتفوه بها لتمجيد اسم الرب. إن تربيتك لطفلك هو أبدي وأهم خدمة، إن كان هدفها إعطاء المجد كله للرب. تذكري أنك خادمة أطفالك روحيا قبل أن تكوني خادمة غيرهم. فكما جاء في كلمة الله ” وإنما إن كان أحد لا يعرف كيف يدبر بيته فكيف يعتني بكنيسة الله ” (1 تيموثاوس 5).هذا الصنيع هو أحد الأعمال التي تستطيعين القيام بها.

إليك بعض الأفكار المفيدة التي يمكنك أداؤها عند تنشئة أطفالك في ظلال الإيمان:

1.صلي من أجلهم ومعهم.

2.علميهم كيف يسألون الله في تدبير احتياجاتهم. إن ذلك يتم من خلال صلاتك معهم ، ومما تجدر الإشارةإليه أن الأطفال يتطلبون أحيانا أمورا كثيرة، فعلينا أن نستفيد من حاجاتهم كي نعلمهم الثقة بالله، ساعديهم على أن يطلبوا إلى الرب تلبية حاجاتهم وأن ينتظروا بعد ذلك فهو مخلص نحو حاجات الأطفال ومهتم بها.

3.إقرائي لهم نصوصا من الكتاب المقدس واستشيري أفكارهم ببعض الأسئلة.

4.اطلبي منهم أن يصلوا من أجلك ومن أجل الأخرين إذا كان عمرهم يمكّنهم من ذلك.

5.شجعيهم على الذهاب إلى الكنيسة ومدرسة الأحد (كوني لهم مثلا يحتذي).

6.علّميهم معنى تقديم العون إلىالآخرين المحتاجين، كالعطايا المادية أو مشاركتهم في الدمى والألعاب التي يملكونها أو تشجيعهم على منح الآخرين ألعابا أو ثيابا تزيد عن حاجتهم.

وختاما ثقي بالإله القدير الذي سيكرم تعب محبتك وخدمتك لأطفالك وستجنين ثمارا صالحة. وبالنهاية سأترك معك هذه الآيات المشجعة:”وكل ما فعلتم فافعلوا كما للرب وليس للناس، عالمين أنكم من الرب ستأخذون جزاء الميراث. لأنكم تخدمون الرب المسيح. وأما الظالم فسينال ما ظلم به وليس محاباة.” كولوسي 3: 25.