بقلم ميرنا جورجي
تتأثر وتتشكل شخصية الإنسان في سنواته السبع الأولى بشكل كبير، وقد يحيا حسب هذه المبادئ والصفات كل حياته إن لم يعمل على تطوير نفسه وتغييرها ليتشبّه أكثر بالمسيح. لذلك تقع على عاتق الوالدين مسؤولية كبيرة في تشكيل هذه الهوية والشخصية، لتصبح سويّة ونافعة في المجتمع.
سأشبّه رعاية الأهل عامة، والأم خاصة بعمل نحميا النبي خلال بناءه سور أورشليم. فقد بدأ نحميا بالصلاة لأجل الشعب ولأجل المشروع الذي هو مزمع أن يصنعه. معلناً بصلاته صلاح الله ومقاصده الصالحة من نحوه ونحو الشعب. وهكذا من واجبنا كأهل أن نصلي لأطفالنا كما صلّى نحميا في كل مراحل حياتهم، غير تاركين مصيرهم للصدف والظروف، لكن مسلّمين أمورنا للرب الذي يعطينا الحكمة في تربيتهم ورسخ حقائق كتابية في قلوبهم وأذهانهم، معلنين الحق الكتابي على حياتهم.
أومن أن أولادنا مميزين، فهم كما قال يسوع عنهم أولاد النور(لوقا16: 8)، عليهم أن يكونوا نوراً وملحاً في المجتمع. ولهذا علينا أن نبني “أسوارا” لحمايتهم من الانزلاق والانجذاب في تيار العالم. وذلك من خلال وضع قوانين واضحة للعائلة تُلزم الأولاد والأهل اتباعها، فمثلاً مراقبة الأمور التي يُشاهدونها على التلفاز أو أي شاشات الكترونية، ونوعية المواضيع التي يتناولونها مع أصدقائهم، ومدة استخدامهم للهواتف الذكية وغيرها من القوانين.
فكما تحرّك نحميا نحو الملك حيث السلطان، علينا أن نتحرّك نحو الله الذي يُعطينا الحكمة في كل موقف ومرحلة من حياة أطفالنا.
إليكِ بعض النقاط العملية لتحقيق ذلك:
- زرع المصطلحات الإيجابية في ذهن طفلك، انعتيه بها فيصدقها ويحياها. كأن تنعتيه بالطفل المجتهد وأنه طفل موهوب ومتميّز، ولد مُهذّب… “فكما شعر في نفسه هكذا هو” (امثال23: 7).
- اعلني آيات ومقاصد الرب على حياته، وفي مسمعه، اقرئي له قصص من الكتاب المقدس ليعرف فكر الله من نحوه، ومارسي قراءة الكلمة أمامه، فيخطو كنهجك. “خبأت كلامك في قلبي لكيلا أخطأ إليك.” (مزمور119: 11)
- شجعي طفلك ليحارب الصعاب والمخاوف، وأفكاره عن نفسه، وليُردد مصطلحات تبعث الأمل والثقة بقدرته، مثل: “سأحاول مرة ثانية” “سأجتهد” “سأتدرّب أكثر على القيام بالعمل.”
- دربي طفلك أن يستبدل كل فكر أو قول يقوله عن نفسه، أو أطلقه الآخرين عليه بما هو حق كتابي. “أستطيع كل شيء بالمسيح الذي يُقويني.” (فيليبي4: 13)
- احرصي أن يكون أصدقاء طفلك أشخاص إيجابيون، وعلميه كيف يُميّز ويختار أصدقائه لأنه لا محالة سيؤثرون عليه. “المعاشرات الرديئة تُفسد الأخلاق الجيّدة.” (كورنثوس1: 15: 33)
- امنحي طفلك الفرصة للقيام بأعماله الخاصة، من ارتداء ملابسه وترتيب سريره وغيرها وإن قضى وقتا أطول منك في إتمامها، وإن كان طفلك أكبر سناً، وكليه مهاماً منزلية كغسل الأطباق، ونشر الغسيل، وترتيب الغرفة، فتلك الأمور تُنمي المسؤولية الذاتية والاستقلالية.
- تحدّي طفلك بمهام تفوق قدراته قليلا، أقول قليلا كي لا يُحبط وتُفشِليه، كالمساعدة في إعداد وجبة طعام أو الذهاب إلى السوبرماركت لشراء بعض الأشياء، (مع مراعاة سلامة البيئة وأمان أطفالنا)، هذه التحديات ستخلق فيه الرغبة بالمحاولة والنجاح. وإن لم يفلح بالمهمة عاودي الكرة بعد أسبوعين او ثلاثة فقد تُفاجئان بسهولة اتمامه للمهام وقد تضيفان هذه المهمة الى لوحة انجازات هذا الشهر.
- لاحظي نقاط القوة عند طفلك، وشجعيه ليبرزها في حياته اليومية، مثلاً إذا كان طفلك موهوباً في الموسيقى، شجّعيه أن يأخذ مبادرة للعزف في لقاء عائلي، أو إذا كان طفلك يُحب الرسم، شجّعيه من خلال تعليق رسوماته في المنزل، فهذا سيُعزّز ثقته بنفسه.
- ذَكّري طفلك أن كل مرحلة هي وقتية وستنتهي، وستختلف الظروف والقدرات سريعا. لذلك اجتمعا للصلاة لشكر الرب على كل انجاز ونجاح، وصليا معا لتغيير كل ما ترغبا بتغييره. وعلّميه أن الشكر يفتح آفاق جديدة من بركات الرب على حياتنا.
- ابرزي لطفلك شخصيات ناجحة، حققوا أهدافهم رغم ظروفهم الصعبة.
- عوّدي طفلك أن يقف أمام المرآة ناطقا كلاما ايجابيا على نفسه، لتترسخ هويته الحقيقية في ذهنه حيث تدور المعارك الحقيقية. “فكل ما هو حق وكل ما هو جليل وعادل وكل ما هو طاهر وكل ما هو مسر… ففي هذه افتكروا.” (فيلبي4: 8)
وأخيراً، ليكن واضحا لطفلك أن مشيئة الله من نحوه هي النجاح “أيها الحبيب، في كل شيء أروم أن تكون ناجحا وصحيحا، كما أن نفسك ناجحة” (3يوحنا1: 2). وأن فكر الله من نحوه خير وليس شر، فكل الأمور إنما تسير لخيره.