“من منكم ملالا؟ دعوها تُظهر نفسها وإلا أطلقت النار”! أطلق النار على ملالا يوسف زاي وهي عائدة إلى بيتها في حافلة المدرسة مع زميلاتها في الصف. أُصيبت ابنة ال 14 عاماً بطلق ناري في رأسها، من قبل مسلح من جماعة طالبان في الباكستان.
ملالا يوسف هي ناشطة باكستانية تحدّت القانون الذي فرضته جماعة طالبان والذي يمنع الفتيات من إكمال تعليمهنّ. بدأت ملالا رحلتها في الدعوة لتعليم الفتيات في سن الحادية عشرة، من خلال تقديم مقابلات تلفزيونية في باكستان عن هذا الموضوع، ثم في عام 2009 بدأت في كتابة مدونة على موقع هيئة الإذاعة البريطانية الناطق باللغة الأوردية تحت اسم مستعار.
وسريعا أصبحت شهيرة في باكستان ما جعلها هدفا لحركة طالبان، لكنها لم تكن تشعر بالخوف لقناعتها بأن “طالبان لا تقتل الأطفال”، إلا أنها تعرضت لمحاولة قتل نجت منها بأعجوبة. اطّرت بعدها إلى مغادرة باكستان إلى بريطانيا لتلقي العلاج. وهي تسكن الآن في برمنغهام مع عائلتها.
وأكدت ملالا عزمها العودة إلى باكستان يوما ما ودخول المعترك السياسي، معتبرة أن “محاولة طالبان الفاشلة لإسكاتها جاءت بنتيجة عكسية مذهلة”.
بداية حياتها
عاشت ملالا يوسف زاى حياة جميلة في مسقط رأسها، مينغورا، كبرى مدن وادي سوات الذي يمتد في شمال باكستان، قبل قدوم طالبان، حيث كانت المنطقة وجهة للسياح للاستمتاع بجبالها الشاهقة، وتلالها الخضراء، وأنهارها الصافية.
ظهور طالبان أحدث تغيرات كبيرة. من أهمها معارضة تعليم البنات، وتهديد العائلات التي ترسل فتياتها إلى المدارس، مما أسفر عن مشاكل قبلية، وخوف في نفوس الفتيات اللواتي أصبحن يواجهن خطر الطرد من القرى والبلدات التي يقمن بها، وصولاً إلى محاولات القتل، كما حصل مع ملالا نفسها.
الوقوف في وجه الظلم
إلى أن ظهرت هذه الفتاة الصغيرة الشجاعة وقامت بأولى خطوات الدفاع عن حق بنات جيلها في التعليم، كتبت العديد من المقالات والخطابات التي عبرت عن احساسها ومشاعرها تجاه حملات منع الفتيات من التعليم وحرق مدارسهم، وأوضحت أن صوتها وصل للعالم بسبب دعم والدها الكبير لها، ولإيجادها اللغة الإنجليزية والتي عملت على تسهيل وصول الرسالة للعديد من الإعلام والإذاعات الأجنبية التي استطاعت الوصول إليها.
ما أزعج طالبان، الذين بدورهم أرسلوا إليها العديد من رسائل التهديد، التي انتهت بمحاولة اغتيالها رمياً بالرصاص، لكنها نجت، نعم نجت، هكذا هنّ القويات، ينجين، ويتخطين كل صعوبات وكل عوائق.
رحلة جديدة
من أسرّة العلاج في المستشفيات، إلى شاشات التلفزيون وأغلفة المجلات، انطلقت فتاتنا الصغيرة في رحلة مليئة بالتغيرات النفسية والفكرية مرت بها نتيجة اضطرارها لمغادرة وطنها والعيش في المملكة المتحدة، حيث مازالت تقيم هناك اليوم، وتقول إن هذه الظروف زادت من إصرارها على النضال من أجل حق فتيات بلدها بالتعليم، وجعلتها أكثر تعاطفاً مع حقوق الأطفال الأساسية في كل مكان من العالم.
حصلت ملالا بسبب نشاطاتها وموقفها على جائزة نوبل للسلام، وهي تقوم اليوم بالتجوال حول مخيمات اللاجئين السوريين والعراقيين وغيرهم حول العالم، وتقوم بإنشاء مدارس ومراكز تعليمية للأطفال، لكي يتسنى لهم مواصلة تعليمهم حتى بعد لجوؤهم وتركهم لموطنهم.
في النصف الآخر من العالم، تُمنع الفتاة من أبسط حق لها ألا وهو التعليم. وفي كل بقعة من بقاع الأرض تتعرض الفتاة بالتحديد لشتى أنواع الاضطهاد والتقليل والنبذ. لطالما تساءلت عن السبب، لأجد نفسي دائماً أتذكر هذه الآية: “وأضع عداوة بينك وبين المرأة، وبين نسلك ونسلها.” تكوين3: 15 العداوة مع المرأة ونسل الحية موجودة منذ القديم ولا تزال قائمة. في هذا العالم سنتعرض للاضطهاد للتهميش للتقليل من شأننا، لسلب حقوقنا. لأن الشيطان يخاف من مصدر الحياة، ولأنك الحياة ومصدر كل شيء جميل في هذه الحياة، توقعي أن تتعرضي للكثير من الصعوبات في حياتك.
لا تصمتي! لا تكوني عديمة الحيلة! من أعطاكِ هذا الصوت أعطاكِ إياه لتتكلمي لتقفي في وجه كل ظلم بحقك وبحق بنات جنسكِ، لا تنتظري المساعدة من أحد ولا تنتظري أن تتغير قوانين المجتمع، أو أن يعطف عليك المجتمع القاسي، لأنه لن يفعل!! إذا كانت هذه الفتاة ابنة ال 14 عاماً استطاعت أن تتكلم، وأن تصنع تغييراً وأن تقف في وجه الظلم، فأنت تستطيعين، تذكري أن الذي معكِ هو أقوى من الذي عليكِ!