أم وسياسية وأصغر رئيسة وزراء في العالم: حكمت بلدها وطفلتها في حضنها!

أميرة فرهود

ولدت جاسيندا أرديرن عام 1980 في مدينة هاميلتون بنيوزيلندا، وهي الابنة الثانية في عائلتها. اهتمت بالسياسة في وقت مبكر من حياتها، ودخلت منظمات شبابية تابعة لحزب العمال. ألهمها الدخول إلى عالم السياسة رؤيتها لأطفال مشردين بلا كسوة ولا طعام في المنطقة التي نشأت بها.

تخصصت في دراسات الاتصالات وتخرجت بشهادة البكالوريوس.  وفي عام 2008 أُختيرت مرشحة لحزب العمال لعضوية البرلمان عن منطقة وايكاتو، وفي عمر الـ 28 استطاعت دخول مجلس النواب باعتبارها أصغر عضو في وقتها. في الثامن من ديسمبر 2016 استقال زعيم حزب العمال، مما مكّنها من الفوز بزعامة الحزب بالتزكية، لتكون بذلك أصغر زعيمة للحزب، وثاني امرأة تتولى المنصب.

بعدها ترشّحت لرئاسة وزراء بلدها، وخلال الحملة الانتخابية، تعرّضت أرديرن لانتقادات واسعة لكونها امرأة، حيث تم رفضها من قبل منتقديها بتهمة أنها لا تقدم أكثر من مجرد مشاعر رومانسية.  كما تم توجيه العديد من الملاحظات بخصوص الوقت الذي ستنجب فيه أطفالا، فكان ردها: “إن اختيار الوقت الذي ستنجب فيه المرأة أطفالا خيار خاص بها ولا ينبغي ربطه بحصولها على وظيفة من عدمه”، الأمر الذي زاد من شعبيتها بين الناخبين.

وفي أكتوبر 2017 أدت اليمين الدستورية لتصبح زعيمة حزب العمال ورئيسة لوزراء نيوزيلندا وكان عمرها آنذاك 37 سنة، لتصبح أصغر رئيسات الحكومات في العالم، وثاني زعيمة تصبح أُمّا بعد إنجابها وهي في منصبها.

خلال فترة حكمها، حضرت أرديرن اجتماعا للجمعية العامة للأمم المتحدة مع طفلتها الرضيعة، فكانت أول زعيمة تحضر اجتماعا مع طفل. لتصبح بعدها من المشاهير العالميين، بعد أن أنجبت ابنتها “نيف” أثناء رئاستها للحكومة.

واستطاعت في فترة رئاستها أن تُحدث العديد من التغييرات منها مجموعة من الإصلاحات التي شملت المياه، والنظام الصحي، وإدارة الموارد، والتخطيط، والإعلام، وتغير المناخ.

وكانت استجابتها المبكرة لجائحة كورونا مُلفتة جداً، حيث فرضت الإغلاق التام ووضعت البلاد تحت أقصى مستوى من التنبيه. وفرضت كذلك العزل الصحي على الأشخاص الذين يدخلون نيوزيلندا في وقت مبكر. الوضوح والحسم أنقذوا نيوزيلندا من العاصفة، فحتى منتصف أبريل من عام 2020 كانت هناك فقط أربع وفيات.

في عام 2023 تنحّت أرديرن عن منصبها ولكن سيبقى إرثها الأساسي، وهو الأسلوب الذي ميزها باعتبارها سياسية متفهمة يسهل الوصول إليها، والتي فضّلت “اللطف” على المواجهة، وحظيت في النهاية على إعجاب ومحبة شعبها والعالم أجمع.

أن تكوني امرأة إنه ومن دون شك لأمر صعب ومليء بالتحديات، ربما تظنين أن هذه التحديات تقتصر علينا كمجتمعات عربية، وأن المرأة فقط هنا تُوصف بالضعف والرومانسية، وتُسأل عن الوقت الذي ستنجب فيه أطفالا؟ لنرى أن هذه الأسئلة وعلامات الاستفهام تلاحقنا كنساء أينما تواجدنا ومن أي عرق كنا! المفتاح يكمن هنا في اختياراتنا، وفي مواقفنا وقراراتنا كنساء، واختيارنا كيف نُريد أن نواجه هذه التحديات؟ هل سنخضع ونرضخ؟ أم سنواجه ونتحدّى لنكون ما خُلقنا أن نكونه، نساء، وأمهات، وعاملات، وسياسيات، ورئيسات دول!