المرأة الصورة والسوشال ميديا

صوت الأستاذ جورج عبده

مهندس برمجة، لقب ثانية بفلسفة العلم والعقلانية ومؤسس خدمة ثابت. نت (Thabet.Net)

كلٌّ منّا لديه تصوّر عن المرأة وهذه الصور (الذهنيّة) تتجلى على مواقع التواصل الاجتماعي السوشيال ميديا من خلال المشاركات النصيّة، نشر فيديوهات أو أي تفاعل آخر. للأسف فإن بعض هذه المشاركات تُشيّئ المرأة وتجعلها مجرد جسد يُشتهى، وبعضها الآخر يضعها في قالب محدد، محصور وكأن على المرأة أن تحبّ شيءً معيّنـًا أو تُعجب بمنشورات من نوع خاص يتماشى مع صورة المرأة بحسب رأي الناشر. 

هذه الصور الذهنيّة مصدرها جهات متنوعة ولكل منها أجندتها. منها الذكوريّة الطامسة ومنها نوع من حركات ليبراليّة متطرفة، منها تتحلّى بلباس ديني وأخرى بعلمانيّ، منها من حزب يميني وأخرى من اليسار. جميعها لديها صور عن المرأة ويريدونكِ أن تتشكّلي بتلك الصور، وأن تكوني كما يحلو لهم. الكثير من الشركات يسوّقون منتوج معيّن ويريدونك أن تستهلكي منتجهم فيحاولون أن يسوّقوا أن المرأة الناجحة/ الطموحة/ الجميلة /الذكيّة (ضعّي أي صفة إيجابية هنا) هي من تستهلك هذا المنتج وبالتالي يسوّقون مع منتجهم صور مُعينة عن المرأة.

وأحيانًا تُغوى بعض النساء ويقمن بنشر منشورات بأسلوب يوافق هذه الصوّر أو بكتابة تعليقات على منشورات بطريقة قد سبق وعُيّنت بحسب روح العصر، أسياد الموضة والمشاهير، وكل هذا لكي تبدو متناسقة مع الرأي العام في السوشيال ميديا، ويتم تحديد ذلك، طبعًا، بعدد التفاعلات (اللايكات).

إن السوشيال ميديا فعلا متحف لكل هذه الصور، لكنه للأسف متحف قبيح، فوضوي، مبعثر، عنصري، واهمٌ وكاذب. لا أقول هذا كي ننسحب منه، بل العكس، لنساهم في اصلاحه. كيف؟ لدي اقتراح مكوّن من مرحلتين:

المرحلة الأولى هي الاقتناع أن صورة المرأة هي على صورة الله الذي خلقها، وهذه أسمى الصور. فهل نُشيّئ، نستهلك أو نحجم صورة العليّ كما يحلو لنا وبحسب أفكارنا وذوقنا؟ حاشا! الله أقدس وأرفع، أعلى وأسمى من ذلك بكثير وأنتِ مخلوقة على صورة ذاك العظيم. 

ماذا يعني أنك مخلوقة على صورته؟ هذا نقاش لاهوتي طويل، لكنّي سأكتفي بالقول أنّك حاملة للحضور الإلهي بكل مكان تكونين فيه. من يراك، يستطيع أن يرى من خلالك الصورة الأصلية لذاك الذي خلقك. صورة لمحبّته وحكمته، لحقّه وعدله، لنعمته ورحمته. هذا فعلًا أرقى وأعظم امتياز يحمله أي كائن بالكون. وهذه أهم مسؤولية تحملها كل امرأة.

أمّا المرحلة الثانية فهي استخدام السوشيال ميديا بطريقة تعكس هذه الصورة المُقدّسة التي تكلمتُ عنها بالمرحلة الأولى. لا يجب أن نستسلم أمام هؤلاء اصحاب الصور الوقتية الفانيّة التي تتغيّر بحسب أهواء البشر. لا يجب أن نترك لهم الساحة لزرع هذه الصور المزيّفة في عقول الناس ونجلس مكتوفي الأيدي. بل لنستغل صفحاتنا لنشر كلّ ما هو حقّ، كلّ ما هو جليل، كلّ ما هو عادل، كلّ ما هو طاهر، كل ما هو مُسرّ، كل ما صيته حسن (في 4: 8) ولتعكس صفحاتنا فكر الله من جهة المرأة والإنسان عامة. لنواجه الزيف بالحق والمحبة والحكمة وبالنسخة الأصليّة التي منبعها الله نفسه.

سيدتي، بيدك مفتاح تغيير الكرة الأرضية، وليس فقط السوشيال ميديا. الله نفسه هو من وضع المفتاح بين يديك. أنت بموقعك الخاص، عائلتك، عملك وخدمتك تستطيعي أن تعكسي أعظم صورة التي تعطش لها كل نفس سئمت من الزيف، أفلا ترويها؟