نحرص في كل عدد من مجلتنا أن نُسلّط الضوء على شخصية نسوية عالمية استطاعت أن تتحدّى ظروف حياتها الصعبة وتسمو فوق كل عائق حاول إحباطها، لتُصبح امرأة مؤثرة ومُغيّرة في التاريخ.

قصتنا اليوم هي عن المرأة الأشهر في تاريخ التلفاز الأمريكي، أوبرا وينفري. لعلنا كلنا رأيناها ولو لمرة واحدة على التلفاز، تلك الشخصية القويّة والمؤثرة صاحبة الحضور اللافت، التي استضافت مشاهير وملوك من جميع أنحاء العالم، لنعتقد للحظة كم هي محظوظة هذه السيدة، والذي يعرف حسابها البنكي بالتأكيد سيحسدها فهي تُعتبر من أثرى أثرياء العالم. لنعتقد أيضاً بأنها عاشت حياة سهلة جداً، أدت بها للوصول إلى هذا الكم الهائل من الشهرة والثراء. لنتفاجأ بأنها عانت كثيراً، ولم تكن حياتها تخلو من الصعوبات، إليكِ نبذة سريعة عن حياتها.

طفولتها

ولدت أوبرا وينفري في التاسع والعشرين من يناير عام 1958 في الولايات المتحدة الأمريكية في تينيسي، في أسرة شديدة الفقر، ولوالدين لم تجمعهما علاقة حب أو زواج، وإنما التقيا مرة واحدة وحملت الأم بأوبرا وأنجبتها. عملت الأم كخادمة في البيوت لإعالة نفسها وابنتها، فيما عمل الأب كحلاق في صالون حلاقة بالإضافة الى بعض الأعمال الحرة، وبسبب قلة المال انتقلت أوبرا إلى بيوت أقاربها ثم تربت في كنف جديها.

مراهقتها

كانت أوبرا شخصية شعبية للغاية في المدرسة، والأكثر ارتباطاً وعلاقة بزملائها ومدرسيها، حتى حازت على لقب الشخصية الأكثر شعبية في المدرسة.

تعرضت أوبرا للاغتصاب والتحرش الجنسي وهي في الثانية عشر من عمرها من قبل أحد أقاربها، وأدى هذا إلى حملها بجنين لم يكتب له العيش بعد فترة بسيطة من إنجابه مما تسبب بمشاكل في الحمل لدى أوبرا، الأمر الذي أثّر على نفسيتها وعمل تحوّلاً سلبياً في حياتها.

لكنها لم تستسلم لما حدث لها، على الرغم من صعوبته وبشاعته، بل اجتهدت حتى تمكنت رغم الصعاب من التخرج من جامعة تينيسي بدرجة البكالوريوس في الفنون المسرحية، بالإضافة إلى حصولها على منحة تعليمية وفوزها بلقب ملكة جمال الفتيات السود.

نجاحها

عملت أوبرا كمذيعة في البداية في أحد الإذاعات المحلية، ثم انتقلت إلى التلفاز حيث بدأت بتقديم نشرات الأخبار. وعملت أوبرا كمراسلة في أحد القنوات لكن مدير القناة قام بطردها لأنها تصبح عاطفية في تغطية الأحداث. حاولت العمل في برامج الطبخ، وطلبت أن تقوم بعمل برنامج طهي خاص بها، إلّا أن طلبها تم رفضه.

حتى حصلت أخيراً على فرصتها في تقديم برنامجها الخاص (The Oprah Winfrey Show) الذي أشتهر في أمريكا والعالم بعد أن تم بثه على أكثر من 100 قناة حول العالم. امتازت أوبرا باللباقة والفصاحة والمواضيع الجدية والاجتماعية في برنامجها، مما أكسبها حضورا مميزا وعلاقات واسعة مع المسؤولين والسياسيين والمشاهير.

تعتبر أوبرا وينفري حاليا من أثرى نساء الكرة الأرضية، إذ أن ثروتها تقدر بالبلايين، بالإضافة الى كونها المرأة الثالثة التي تمتلك استوديو انتاج في العالم.

ليس الهدف أو العبرة من هذه القصة أنه عليكِ أن تُصبحي مشهورة أو غنية، بل أن تتعلّمي من امرأة عانت الكثير في حياتها، واختبرت أموراً صعبة، لكنها اختارت أن ترتقي فوقها جميعاً، اختارت ألا تلوم المجتمع الذي عاشت فيه، أو التمييز العنصري الذي عانت منه، اختارت ألا تلوم أهلها، أو حادثة تعرّضها للاغتصاب، أو حتى موت طفلها الذي كان نتيجة لتعرّضها للاغتصاب. بل أن تتحمّل مسؤولية حياتها، وأن تُثابر حتى تصل لتكون من أشهر النساء في العالم!