الأمين العام لمؤسسة كايروس فلسطين سابقاً، وهي خبيرة اقتصاد فلسطيني. وقد خدمت مع الأمم المتحدة في مجال التنمية الاقتصادية والبشرية، كوزيرة شؤون القدس في السلطة الوطنية الفلسطينية، وكسفيرة لفلسطين في فرنسا بين عامي 2006 و2010.

ليست هي حياة الشخص التي تهم حقا ولكنه الفرق الإيجابي الذي يمكن أن يصنعه هذا الشخص حوله. لا يستثني ذلك حالات الفشل العرضية التي تعتبر شيئا جيدا ما دامت تًستخدم كدروس نتعلم منها. هذا هو مبدأي الأساسي في الحياة، وربما هو السبب الذي يجعلني أحقق بعض الانتصارات في حياتي العامة والشخصية، والذي ساعدني لأتغلب واستمر في التغلب على الحواجز الاجتماعية، أو غيرها، وصولا إلى النجاح.

يملك جميع الناس جانبا جيدا، ونحن جميعا بحاجة إلى صنع الخير، وإلى أن نحب وأن نكون محبوبين. ونحن بحاجة أيضا إلى المعرفة بأنه يمكننا أن نثق بأولئك الذين يملكون تأثيرا كبيرا على حياتنا ومستقبل أطفالنا. وباعتبارنا كائنات اجتماعية، نحتاج إلى الانتماء إلى مجتمع أو أمة أو بلد ما، وبالتالي نحن نحتاج إلى قيادة جيدة غير ذاتية مع رؤية واضحة والتزام بالحفاظ على الذات والازدهار. إن فهم هذه المبادئ والالتزام بها هو أيضا مفتاح للنجاح.

لقد نشأت في بيت لحم في ظل النكبة الفلسطينية (الكارثة التي حلت بالفلسطينيين الذين طردوا من وطنهم في عام 1948). كان كِلا والداي وأسرهم لاجئين، وكان عليهم أن يبدؤوا حياتهم من الصفر بعد أن تركوا منازلهم وأعمالهم وجميع ممتلكاتهم خلفهم. وحيث تزوج والداي بعد أربع سنوات من حدوث النكبة، فقد قاما، مثل باقي أفراد الأسرة الممتدة ومعظم الفلسطينيين الآخرين، بتوفير بيئة وقائية جدا لأطفالهم، فملأوا قلوبنا وأفكارنا بحكايات عن السعادة الأبدية ونجاحات كبيرة. لقد كانوا يحموننا من الألم والمعاناة، ففاضوا علينا بحبهم ورعايتهم. وعلى مر السنين، تعلمت كم وفرت لي هذه الطفولة الآمنة والمحبة، الشجاعة للتوجه إلى الأمام في الحياة بثقة وخيال كبيرين.

لطالما أحببت التعلم، وقد عملت بجد في المدرسة والجامعة، وبعد ذلك في العمل. وقد استغليت كل فرصة قدَّمت نفسها لي للتعلم والنمو، من أجل أن أصبح شخصا أفضل بالعقل والروح والجسد. لقد أحببت كل أولئك الذين يحيطونني وكنت محبوبة بسخاء في المقابل. لقد أردت أن أكون سعيدة وقد عملت بجد من أجل تحقيق السعادة والفرح للآخرين، بما في ذلك عائلتي.

كمهنية، كانت لي فرص رائعة للتعلم والخدمة. لقد عملت في مكتب هندسي، ما أعدني لمساعدة زوجي لاحقا على إنشاء مكتبه الخاص في وقت مبكر من حياتنا الزوجية، بينما كنت أيضا أرعى أسرتي الشابة. لقد كانت الانتفاضة الأولى في عام 1986 نقطة تحولية في حياتي، حيث شعرت بالحاجة لخدمة مجتمعي وقضيتنا من أجل التحرر من الاحتلال. وأعقب ذلك فرص عمل كبيرة مع المنظمات الدولية العاملة من أجل التنمية الاقتصادية المستدامة في الأرض الفلسطينية المحتلة. وتبعتها لاحقا وظائف أخرى للعمل مع قضايا حقوق الإنسان والإصلاح الحكومي وتنسيق الجهات المانحة.

لا بد من أن أدائي المهني حينها قد كان ملفتا للانتباه، حيث دُعيت في أوائل عام 2005 للانضمام كوزيرة حكومية للسلطة الفلسطينية، وبعد ذلك كسفيرة لمنظمة التحرير الفلسطينية في فرنسا. لقد كانت التحديات التي واجهتها هائلة، ولكن العمل بجد مع التركيز على الصالح العام والمبادئ الأخلاقية القوية يمكن أن يحدث فرقا وأن يحقق بعض النجاح. وكشخصية عامة، تعلمت أن أقدّر الناس أكثر وأكثر، وقد وجدت الكثير من الفرح في الخدمة والمساهمة في خير الناس.

في عام 2015، توليت مهمة الأمين العام لوثيقة وقفة حق -كايروس فلسطين، حيث ساعدتني عمق الخبرة مع الإيمان واللاهوت في أن أنمو أكثر واكتمل وأصبح أكثر إنسانية. ولكنه لمن الإنصاف أن أعترف بأنني تعلمت أيضا بأنه يجب على النساء أن تقدّم عشرة أضعاف ما يقدمه الرجال من أجل أن يتم الاعتراف بهن وتقديرهن. ومع ذلك، فأنا أشعر بأن حب واحترام الناس العاديين حولي يعوضني عن عملي الشاق.

تعلمت أيضا أن نضال شعبي يشكل تحديا كبيرا بينما نواجه عدوا قويا وقادرا جدا، والذي يصمم على استمراره في نزع الشرعية عن حقوقنا، مدعوما بقوى مشوهة كبيرة جدا ومتوازنة. تاريخيا، تم التضحية بالشعب الفلسطيني ومصيره لمصالح جيوسياسية أساسية، كما تمت إساءة استخدام الدين لتبرير البرامج السياسية والسياسات التمييزية الاستعمارية. وقد اضطررنا نحن الفلسطينيون، وسوف نضطر، إلى النضال لأجيال من أجل كسب حقوقنا الأساسية من كرامة وحرية من قيد الاحتلال والاضطهاد الإسرائيليين. لقد أصبح هذا الأمر صعبا بشكل خاص حيث نمت إسرائيل لتصبح قوة مهيمنة قوية تحاول أن تنشئ حقوقا حصرية لفلسطين التاريخية ومواردها، بينما تستمر في التخلص من الفلسطينيين المسيحيين والمسلمين.

وهكذا، تستمر الحياة بطعمها الحلو والمر. الناس يأتون ويذهبون، وما يبقى هو الأعمال والمبادرات التي تسهم في تحسين حياة الآخرين. كان مارتن لوثر كينغ الابن على حق في استنتاجه بأن “تاريخ الكون الأخلاقي طويل، لكنه يميل نحو العدالة”. هذا هو الشعار الذي سيستمر في تحريك عملي وطموحاتي.