أهمية التربية الجنسية وتأثير المواقع الإباحية على الأبناء 

بقلم هديل داوود 

معالجة نفسية بالفنون – تخصص في علاج الصدمات وضحايا الاعتداء الجنسي

أصبح الوصول إلى المواد الإباحية أسهل من أي وقت مضى. يتعرض الأطفال والمراهقون بشكل كبير إلى المواقع الإباحية والمحتوى الجنسي في وسائل الإعلام المختلفة مما يعرض الأطفال إلى الخطر من الإستغلال أو حتى الإدمان الجنسي، أيضا ما يسبب التباسًا بين المرحلة التنموية للأطفال والمحتوى الذي يشاركون فيه من ناحية معرفية وعاطفية. 

أقيمت دراسات عديدة في البلاد حول مشاهدة الأفلام الإباحية بين الشباب والشابات 18-14 عاما. أظهرت نتائج الدراسة أن 52٪ من الأولاد يتصفح المواقع ذات المحتوى الإباحي عدة مرات في الأسبوع، 40٪ منهم يتصفحون عدة مرات في الشهر، بينما 8٪ فقط لا يتصفحون على الإطلاق المواقع ذات المحتوى الإباحي.

أختي العزيزة، هل تتفقين معي أنها نسبة عالية جدًا بين الشباب، ولها تأثير سلبي على نفسية وسلوك الشباب؟ فإن التعرض الهائل للمحتوى الإباحي يؤدي إلى تعلّم الجنس بشكل مشوه عن العلاقة بين الجنسين.

إن هذه الأفلام تهتم في تشويه الصورة الحقيقية الجميلة عن العلاقة الحميمية بين الشريكين، قد تربط الرجل من ناحية جنسية، بالسيطرة، القهر، الإذلال والاستغلال الجنسي للفتيات والنساء. في نفس الوقت، قد يقدمون المرأة ككائن جنسي متاح دائمًا للجنس، الرجل يستمد اللذة من الإذلال الجنسي للمرأة.

لا شك أن جيل الشباب المراهق في فجوة كبيرة اتجاه الحياة الجنسية الصحيّة، ومع عدم توعية من الأهل حول المفاهيم الجنسية الصحيحة، الإحتياجات الجنسية والعاطفية للشباب والشابات في هذا العمر قد يلجأ الشاب والشابة إلى ملء الفراغ وتسديد الاحتياج من خلال وسائل الإعلام بمشاهدة صور اباحية وأفلام اباحية تشوه الصورة الحقيقة للجنس والعلاقات العاطفية. 

في العلاج النفسي، نصنف تأثير الصور الإباحية على جيل الشباب “بالصدمة المستمرة” قد يستمر تأثيرها على حياة الشاب ليس في وقته الحاضر فقط بل أيضًا على طرق تعامله مع الجنس الآخر، وعلى صورته الذاتية، وصورة الجسد وهويته، وبالتالي على علاقته بالآخرين. فالتعرض لمفاهيم الجنس بطرق مشوهة أو حتى في وقت مبكر له آثار سلبية مدمرة طويلة المدى.

ربما تسألين نفسك في هذه اللحظة كيف لي أن أساعد أولادي أو جيل الشباب من حولي في هذه المرحلة؟ لا بدّ من توفير إجابات ونقل معلومات جنسية صحيحة لهم. هناك تأثير كبير على مواقف الشباب والشابات اتجاه الجنس من خلال نوعية الأحاديث مع الاهل. هل أنتِ من الأهل التي تتوجه وقادرة على فتح حوار مع ابنك عن التطور الجنسي والعلاقات الحميمية أو أنكِ تصدّين خجلاً أو عدم ايمان بأن هذه المرحلة هي ضرورية للتقرب من ابنك وابنتك؟ 

في أبحاث عديدة تطرقت إلى تأثير الأهل على الشباب بكل ما يتعلق بقضايا الجنس، نتائج الدراسة أكدت أن 4\3 الأولاد لا يتحدثون مع والديهم عن الجنس والنشاط الجنسي ويتلقون معظم معلوماتهم من المحتوى الإباحي.

كيف تعتقدين أنه يمكن الحد من الآثار السلبية للمواد الإباحية والتخفيف من حدتها؟

  1. خلق مساحة آمنة للحوار بينك وبين طفلك. 
  2. قضاء وقت مع أبنائك للحديث في المواضيع اليومية المهمة (علاقات، صداقات، تعليم، اخبار..)
  3. رفع الوعي اتجاه آثار لغة السوشيال ميديا بما يخص القضايا الجنسية والتطور الجنسي لأطفالنا. 
  4. على مستوى التعليم، يجب تنفيذ خطط متعددة السنوات للتربية الجنسية والاجتماعية والمساواة بين الجنسين بدءًا من رياض الأطفال حتى نهاية المدرسة الثانوية. 
  5. من المهم خلق حديث سوي وصحي مع الطفل منذ صغره، والتطرق للمحتوى الجنسي ومناقشة المواضيع بحسب المرحلة التطورية للفئة العمرية والنفسية لكل طفل. (من المهم التركيز على النقاش وليس فقط على القوانين)
  6. من المهم توضيح القوانين الخاصة لكم في البيت، مراجعة هاتفه، رقابة مشاهداته، مع التطرق لأسباب ذلك وأهمها الحماية من التواصل على شبكات دون إشراف والدي.
  7. قبول أصدقاء على التطبيقات بعد موافقة الأهل. 
  8. إعلام الطفل بوضع برامج حظر على جهاز التلفون واللابتوب لأي محتوى جنسي. 

عزيزتي، من أجل غرس تعليم صحي وقيِّم فيما يتعلق بالجنس مع أطفالنا (الصغار والمراهقين) هناك ضرورة أن تفحصي مع نفسك ومع زوجك ماهية المواقف، التصورات والقيم اتجاه الجنس كي تتمكني من تمريرها لابنك وابنتك. من المهم أن يتفق الوالدين أولا اتجاه موضوع التربية الجنسية بالتطرق لما نشأوا عليه وما يودون اليوم تمريره لأولادهم. 

افحصي نفسك هل تمنعين نفسك من مناقشة المواضيع الجنسية مع أبنائك؟ مثال، إن كنت تشاهدين مع العائلة فيلم وكان هناك مشهد رومانسي \جنسي، هل تطلبين من أبنائك الشباب التوقف عن المشاهدة لشعوركِ بالإحراج وعدم رغبتكِ بالتطرق لهذا الموضوع؟ أو هل تختارين أن تتناولين الموضوع بنقاش واعي معهم؟ حاولي أن تجيبي على تلك الأسئلة وتناقشينها أنتِ وزوجكِ معا وإن كان هناك حاجة فأشجعكِ على طلب مساعدة من شخص مهني بالموضوع. وتذكري أن ابنكِ وابنتكِ قد تصلهم الرسالة المخفية قبل الشفهية فقد تكون أقوى من المنطوقة.

واجب علينا مسؤولية الحفاظ على أطفالنا وحمايتهم من خلال الحوار الثابت، السوي والمنفتح حول الحياة الجنسية الصحية.