بقلم ماتيلدا توما

كثيراً ما يتوارد إلى أذهاننا صورة ذكورّية عندما نتحدث عن الشجاعة وكأنها أصبحت حِكراً على الرجال فقط. إلا أن أكثر ما تحتاجه المرأة وخاصة العربية في هذا الزمان هو الشجاعة. لا أقصد بالشجاعة تحقيق بطولات أو استعراضات عضلية مع أنه لا يوجد عندي أي اعتراض على ذلك ولكني أتحدث تحديداً عن شجاعة الفكر والقرار.

 

في عصر قرر أن يرسم للمرأة صورة نمطيّة تختزل كينونتها بجسد نحيل ووجه مثاليّ الملامح، فسلاحكِ الوحيد عزيزتي هو الشجاعة. في زمن اجتاحت فيه التكنولوجيا بيوتنا وأضحت أكثر تأثيراً منّا على أولادنا، سلاحكِ الوحيد هو الشجاعة. في مجتمع قرر منذ عقود عدم الايمان بكِ وتصنيفكِ على أنكِ ناقصة عقل وحصر دورك في تنظيف البيت وخدمة الزوج، كل ما تحتاجينه هو الشجاعة. بين أشخاص قرروا تسميتك بالعانس لمجرد أنك تخطيّت سن الثلاثون دون أن تركبي قطار الارتباط وأصدروا عليك حكما مسبقا بأنك سيئة السمعة لمجرد أنك مطلقة وأشاروا عليك بالإصبع أنك عاقر لمجرد أنك لم تنجبي أولاد فحتماً عليك مواجهتهم بالشجاعة!

 

شجاعتك عزيزتي المرأة تكمن بداخلك. فأنت لا تحتاجي إلى أسلحة وعتاد لتصيري شجاعة وإنما بيدك اليوم أن تكسري قيود ربطتكِ لسنوات وأفكار بالية مدفونة تحت التراب انتهى تاريخ صلاحيتها قيدت حريتك لعقود! يمكنك أن تصيري امرأة ذات ثورة، امرأة صاحبة انتفاضة ليس برمي الحجارة وتفجير القنابل وحمل الأعلام بل برمي الأفكار النمطية في بحر النسيان وتفجير معتقدات بالية وحمل نفسك بنفسك!

 

إن واحدة من أكثر النساء الهاماً في التاريخ هي ملكة مصر كليوباترا. كانت كليوباترا فاتنة الجمال وذات سحر اسطوري، إلا أنها استطاعت أن تثبت أنها امرأة صاحبة قوة رائدة وتصميم في حقبة سادت فيها السلطة الذكورية واستطاعت أن تهزم انطونيوس وقيصر لا بجمالها وانما بذكاءها وشجاعتها! من أشهر أقوال كليوباترا: “أنا لن أُهزم” فلا تسمحي يا عزيزتي أن يضعك المجتمع في قالب الجسد المثالي بل اجعليهم بجمال فكرك وقوة إرادتك يصرفون النظر عن جسدك ملتفتين الى دورك وما صنعتيه من تغيير!

 

كوني أنت من يبني فكر أولادك ويصقل مواهبهم ويزرع في قلوبهم الايمان ولا تتركيهم يتطايرون كالعصافة أمام زوبعة التكنولوجيا ورياح أفكار المجتمع. كوني شجاعة في مواجهة أفكار المجتمع النمطية التي حددت مسبقاً شكلك ودورك وأسلوب تربية أولادك وألقت عليك تسميات ومُسميات. كوني شجاعة واصنعي فرقا!

 

لا أريد أن أهدر حبراً واضيّع صفحات ثمينة في كتابة مثاليات، ولكن اسمحي لي الآن أن اطرح عليك بعض الاقتراحات العمليّة علها تساعدك أن تخطي خطوة جديدة نحو الشجاعة:

 

  • اجلسي مع نفسك أولاً وفكري في دورك وقيّمي ما أنت عليه اليوم.
  • إن كان لديك مخاوف من البدأ بخطة جديدة حاولي تحديد سبب الخوف.
  • اقرأي من كلمة الله عن هويتك وقيمتك ودورك كامرأة وزوجة وأم.
  • إلجأي إلى نساء موجودات في محيطك قاموا بمبادرات شجاعة وتحدثي معهن واطلبي الارشاد والنصيحة.
  • ابحثي في الكتب وشبكات الانترنت عن شخصيات نسائية تخطت حواجز كثيرة بشجاعة وكسرت القالب النمطي وتعلمي من سيرة حياتهن أمثال اوبرا وينفري والأم تريزا وغيرهن.

 

وفي النهاية سأترك معك عزيزتي هذه المقولة الشهيرة لكاثرين بوث: “إن أردنا إصلاح المستقبل فعلينا ازعاج الحاضر” قومي انتفضي وازعجي حاضرك!