امرأة موهوبة ترى بعدستها ما لا يستطيع الكثيرين على رؤيته فتلتقط بكاميرتها ذكريات تدوم إلى الأبد. صابرين مكركر زيدان من مدينة بيت جالا عشقت الفن والتصوير منذ طفولتها واحترفتهما. ترى التصوير كأسلوب حياة يعكس شخصية وقصة الأشخاص الذين في الصورة، فتراها تعيش الصورة وتشعر بها لتخلق ذكرى تدوم إلى الأبد.
كان لمجلة آنية بيده لقاءاً مع المصورة المبدعة صابرينا فيه حدّثتنا عن هذا الحب والشغف الكبير في التصوير.
لماذا التصوير؟
لطالما كان لدي اهتمام بالفنون بشكل عام، فمنذ عمر الخمس سنوات تقريبا وأنا أرسم وأشارك بمعارض فنية. اقتنيت أول كاميرا خاصة بي وأنا ابنة 10 سنوات، كانتكاميرا فيلم بسيطة جدا ربحتها في مسابقة مدرسية.
كنت أستمتع بالتصوير لدرجة كبيرة ولكن لم أتصور يوماأنها قد تصبح مهنتي وجزء مهم جداً من حياتي.
كيف قمتي بتنمية موهبتك؟
خلال الأربع سنوات الماضية حاولت قدر المستطاع صقل موهبتي من خلال أخذ دورات مبتدئة في فن التصوير، وقراءة العديد من المقالات التي تتحدّث عن التصوير ومشاهدة أفلام على موقع يوتيوب عن أساليب التصوير الصحيحة. وخلال فترة دراستي الجامعية شاركت ولأول مرة بمعرض تصوير، وقمت بعرض صور التقطتها لمدينة بيت جالا ونالت العديد من الآراء الايجابية.
تعرفت على الكثير من المصورين الفلسطينيين والعالميين وناقشتهم في العديد من الأمور. تقبلت انتقادات كثيرة وآراء مختلفة. وأنا ما زلت أتعلم كل يوم شيء جديد.
كما قمت بالمشاركة في دورة في أساسيات التصوير مع مصورة أمريكية في إحدى المؤسسات الثقافية في بيت لحم، وشاركت في ورشة عمل مختصة لمصورين محترفين فلسطينيين وعالميين ساعدتني على اكتشاف هويتي في عالم التصوير.
لكن أكثر ما صقل موهبتي وطوّرها وعلّمني دروساً حقيقية كان التجربة والخطأ، فأنا أومن بأن المصوّر لا يمكن أن يتعلم إلا عن طريق الممارسة والتعلم من أخطاءه الذاتية.
حدّثينا عن دور عائلتك في هذه الرحلة.
نشأت في جو فني، ولولا ذلك الجو الفني المتوفر في بيتي لما تقبلت عائلتي فكرة احترافي مهنة التصوير. أخي فراس مكركر مصوّر أيضاً، واهتمامه في مجال التصويركان له أثر كبير على اهتمامي أنا شخصياًبالتصوير، ووالديمهندس معماري ولطالما شجعنا هو ووالدتي على تنمية مواهبنا الفنية، مع أنهم شعروا ببعض الخوف من فكرة أن تحترف ابنتهم مهنة متعبة وصعبة كالتصوير. كما أنهم في البداية لم يتقبلوافكرة اتخاذي قرار ألا أعمل بشهادتي الجامعية، فأنا أحمل شهادة في إدارة الأعمال والتسويق من جامعة بيت لحم، ومع ذلك فهم لم يقفوا في طريقي بل على العكس تماما لطالما أشعروني بالفخر بما أعمل منذ اليوم الأول وحتى الآن.
فتاة فلسطينية مصوّرة، كيف كانت ردة فعل المجتمع على ذلك؟
كثيراً ما سمعت انتقادات من أشخاص حولي مجرد أني انثى وأذهب لتصوير المناسبات فالفكرة لم تكن مألوفة. لكن الآن أستطيع أن أقول إن الوضع تغيّر قليلاً من هذه الناحية.
وكفتاة تعمل بالتصوير واجهت تحديات كبيرة كان أكبرها عدم توفر تخصص جامعي أو حتى كلية في فلسطين حيث يمكنني أن أتعلم التصوير الفوتوغرافي والذي يختلف تماماً عن تخصص انتاج الأفلام الوثائقية. والتحدي الكبير الثاني هو عدم تقدير بعض الأشخاص لمقدار الجهد المبذول في التصوير.
امرأة متزوجة ولديها طفل، كيف تستطيعين التوفيق بين عائلتكِ ومهنتك كمصوّرة؟
التوفيق بين عملي وبيتي وعائلتي ومتطلبات طفلي ليس بالأمر السهل،المسألة مسألة تحديد أولويات. عائلتي هي أولويتي بغض النظر عن ظروف العمل. ولولا الدعم المستمر من الأهل والتفهم اللامتناهي من زوجي وتضحياته وتعاونه معي لما استطعت أن أصل لما وصلت إليه اليوم، ولا استطعت أن استمر في عملي. الأمر يحتاج إلى صبر وإصرار وطموح عالي.
ما هو الشيء الذي يُميّز صابرينا عن غيرها من المصورين؟
أنا لا أقارن نفسي بغيري من المصورين فلكل مصور أسلوب يتميز به عن الآخرين.المرأة بطبيعتها ترى الأمور بطريقة مختلفة عن الرجل، نظرتنا للألوان والتفاصيل تختلف اختلاف كلي. خلال التصوير لا أفكر بالصورة بل أشعر بها،مثلا عندما أصورأُم مع طفلها أتذكر ابني ومشاعرنا التي نتشاركها كعائلة، وعندما أُصوّرعروسين أتذكر تفاصيل يوم عرسنا وكل اللحظات الجميلة التي عشتها مع زوجي.
أحاول عكس شخصية الأشخاص الذين أصورهم وليس أنأفرض شخصيتي وأسلوبي أنا فقط على الصور. التصوير أسلوب حياة وكل صورة تشبه أصحابهاوتحمل معنى خاص لهم. دائما أفكر بأنني أصنع ذكريات ستدوم الى الأبد!
ماذا عن صابرينا المصوّرة الآن؟
أنا الآن أعيش جزء من الحلم الذي كنت أتمناه منذ ٤ سنوات. حالياً أملك مكتب واستوديو صغير خاص بي في مدينة بيت جالا، كما أنني أسعى لأتخصص في مجالتصوير الأطفال وبشكل خاص الأطفال حديثي الولادة.
رسالة من امرأة حلمت وعاشت حلمها إلى امرأة تنتظر فرصة لتحقيق هذا الحلم.
طريق تحقيق الأحلام ليست مفروشة بالورود، وكأنثى في مجتمع كمجتمعنا عليك بذل أضعاف المجهود لإثبات وفرض نفسك. لكن لا شيء يهم طالما تثقين بنفسك وتؤمنين بأنه في يوم ما ستكونين ما تريدين. لن يقف في طريقك لا مجتمع ولا زواج ولا إنجاب اطفال على العكس،كل هذا سيزيدك قوة وإصرار وعزيمة، طالما تطمحين للشيء وتريدينه ستحصلين عليه، لا تستسلمي ولا تنهزمياعقدي العزم وستنجحين.