بقلم ريما أنور
الزواج هو تصميم وترتيب وضعه الله للبشر إذا ما اختار الشريكان اعتناق فكره ومبادئه وقصده لهذا الزواج، سوف يحيون حياة زوجية مُشبعة، تُمثّل علاقة ومحبة المسيح لكنيسته. أشكر الله من أجل كل رجل وامرأة في مجتمعنا من أزواج عاهدوا الله على الحياة معا من منظوره هو، والتزامٍ يتجدد يوميا لبعضهم البعض لبناء علاقة زوجية صحيحة وصحية.
هذا النوع من العلاقات الصحية لا يأتي بالصدفة أو بدون جهد، فيجب على الزوجين أن يختارا بوعي كامل أن يبذلا جهداً لإنجاح هذه العلاقة.
صلاتي أن يرتفع عدد الأزواج القادرين على فهم مشيئة الله، ألا وهي: “لِكَيْ تَكُونُوا بِلاَ لَوْمٍ، وَبُسَطَاءَ، أَوْلاَدًا للهِ بِلاَ عَيْبٍ فِي وَسَطِ جِيل مُعَوَّجٍ وَمُلْتَوٍ، تُضِيئُونَ بَيْنَهُمْ كَأَنْوَارٍ فِي الْعَالَمِ.” (في 2: 15).
نواجه كأزواج الكثير من الآلام والجراحات والأتعاب في العلاقات الزوجية، التي إن لم تشف سريعا تتحول إلى غضب، وإحباط، وخوف، وكراهية، وعدم غفران. وقد تصل إلى الرغبة في الانتقام، والخيانة وصولا إلى الانفصال، ما يؤثّر سلباً على الأولاد إن وُجدوا. وكأنّ ما صُممت لتكون علاقة حب توفر الوحدة والسلام والراحة النفسية والجسدية، تتحول لتصبح أرضا جدباء مُقفرة لا ثمر فيها، بل مصدرا للأنانية والعدوانية والسيطرة المدمرة والعناد القاتل.
ولكن، هل هناك مخرج؟ هل هناك رجاء؟ هل هناك طريق للعودة والرجوع والغفران حتى تلتئم الجروح ونسير في طريق إصلاح العلاقة؟
نعم، بالتأكيد يوجد رجاء لاستعادة هذا الزواج وهذه العلاقة التي منحنا إياها إلهنا الحي، إن وجدت الإرادة والرغبة من الطرفين لإعادة بناء الحياة معا وتجديد الحب. ولكن كيف نبدأ ومن أين؟
- الرغبة الصادقة والإرادة للرجوع والبدء في استرداد هذا الزواج، تبدأ في علاقة شخصية للزوجين مع الرب يسوع، الذي إذا ساد على الحياة والقلب والفكر، خضع الاثنان لكلمته وعمل روحه، واستطاعا تحقيق الوحدة الحقيقية التي يريدها الله لهذا الارتباط .
- وضع الحدود من الأمور التي تساعد الزوجين في إصلاح علاقتهم، فيجب عليهم التوقف تماما عن اللجوء للأهل أو السماح لهم بالتدخل في حل مشاكلهم. وبدلا من ذلك استشارة أشخاص لديهم الخبرة والمعرفة والإيمان والصلاة والحكمة لمساعدة الطرفين في رؤية الأمور بطريقة مختلفة، ومساعدتهما على التحول من التركيز على الذات إلى التركيز على الآخر، وفهم وجهة نظره واحتياجاته غير المسددة وما يعانيه نتيجة ذلك.
- الاستماع الصادق من كلا الطرفين، وتصديق الألم الذي يعانيه الشريك، له دور أساسي في تحسين العلاقة المكسورة بين الزوجين. هذا بالإضافة لوجود أشخاص يساعدون في تقريب وجهات النظر بينهما.”إن اخطأ إليك أخوك فاذهب وعاتبه بينك وبينه وحدهما إن سمع منك فقد ربحت أخاك وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ، فَخُذْ مَعَكَ أَيْضًا وَاحِدًا أَوِ اثْنَيْنِ، لِكَيْ تَقُومَ كُلُّ كَلِمَةٍ عَلَى فَمِ شَاهِدَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةٍ. “متى ١٨: ١٥-١٦
- الإدراك بوجود اختلافات في شخصياتنا، لا يمكن أن تتغير إلا في جو من الحب والقبول والاحترام، وليس بالسيطرة والقهر والمزاج المتقلب.
- ضرورة انتقاء الأشخاص وعدم مشاركة حياتنا مع أصدقاء أو مقربين غير ناضجين على سبيل ما نسميه “فضفضة” لئلا ينقل الكلام بطريقة خاطئة فيصل إلى الشريك، مما يزيد النار اشتعالا.”بعدم الحطب تنطفئُ النار وحيث لا نمّام يهدأُ الخصام “أمثال ٢٦: ٢٠
- إدراك الطرفين لجذور المشكلة، والتعبير عنها، يجب أن يكون بحب ورغبة في حلها والتقدم إلى الأمام، وعدم اللجوء إلى الاتهامات.
- إدراك أن هناك خلافات كثيرة وكبيرة بيننا، ولكن بالتفاهم والتواصل نصل تدريجياً إلى انسجام ببعض النواحي الزوجية التي تتطلب الاستمرار في التفاوض بشأنها، والتدرب على نهج صحي في التعامل معها من أجل عدم الوقوع في فخ توقع أن التغيير عصا سحرية، بل هو يحتاج إلى المثابرة والحوار حول نفس المواضيع من أجل تحقيق الصيغة المنشودة في العلاقة السليمة.
- استخدام الكلمات اللطيفة والمعبرة، التي تحتوي على الاحترام والاهتمام والتقدير والمحبة التي تسعى لان تشفي كل الم وجرح تسبب به جهلنا وعدم وعينا. “الجواب اللين يصرف الغضب والكلام الموجع يهيج السخط “امثال ١٥: ١
- وضع علاقتنا الزوجية أولوية على أي علاقة أخرى مهما كانت، تُظهر لكلا الزوجين التزامهما للطرف الآخر التزاما صادقا، وأنهما على استعداد أن يُضحيا وأن يُقدما كل ما يلزم لإنجاح هذه العلاقة والحفاظ على ديمومتها.
- استخدام كرامة النفس كقناع وتبرير للكبرياء والأنانية، تمنعنا من رؤية احتياج الآخر، وتقسي قلوبنا وتوسع الفجوة بين الزوجين مع العلم أن كلمة الرب تدعونا لان نُقدّم بعضنا البعض في الكرامة.
- إدراكنا لتأثير الماضي في حياتنا، يُساعدنا على فهم ردود الفعل من كلا الطرفين. ولذا على هذه الآلام أن تشفى من خلال الصراحة والشفافية وتقبّل المواساة والتعاطف من قبل الشريك، بدلاً من أن تكون أداة تجريح وتعيير وتقليل من شأن الطرف الآخر. وذلك من خلال الاسترشاد بتوجيهات ذوي الخبرة في مجال ترميم العلاقات الزوجية مساعدة الزوجين على الشفاء من الماضي.
- الغفران والمسامحة لابد منهما في شفاء الخدوش في العلاقات الزوجية. فالغفران ليس مشاعر ولكنه قرار واعٍ يحررنا من المرارة والغضب، وأطلق الآخر الذي أساء لي، ليس بحسب استحقاقه لهذا الغفران بل بحسب احتياجي انأ للحرية.
وأخيراً لنعلم يقينا انه لا مستحيل أمام قدرة وقوة الله على تغييرنا وتغيير شريك حياتنا، فلنعزم على دعوة الرب يسوع إلى قلوبنا لكي يملك على حياتنا ويسكن فيها رباً ومخلصاً ومُعيناً وسط الضيق . إن كنّا أولاد لله لكن اقتادتنا تيارات هذا العالم القوية للابتعاد عن فكره ومبادئه فيما يخص هذه العلاقة المقدسة والعزيزة على قلب الله، فلنعد تائبين لأن الله يأمر جميع الناس في كل مكان أن يتوبوا متغاضيا عن أزمنة الجهل. أعمال الرسل ١٧: ٣٠