بقلم غدير الخوري
في لحظات نشعر بأنه قد توقف الزمن عند ألم، أو مرض، أو فقدان. ونصبح أسرى لأحداث معينة قد تمر في حياتنا، تؤثر في مجرى حياتنا اليومية أو أفكارنا وتبقى في نفوسنا جرحاً نلتف حوله. ولكن في حقيقة الأمر أن الزمن لم يتوقف ولكن نحن من توقفنا عند هذه اللحظة، ويمر الزمن وتمرالأيام ونحن لا نعلم بأننا أصبحنا أسرى لماضينا وأفكارنا.
إن إرادة الله الحقيقية لنا هي بأن نعيش حاضرنا ولا نتطلع إلى ما مضى وهذا يظهر في قصص كثيرة بالكتاب المقدس ومنها قصة بنات صلفحاد.
تروي القصة بأن صلفحاد مات في البرية ولم يكن لديه أولاد ذكور، وبذلك لم يكن له نصيب في الميراث مع شعب إسرائيل. ولكن بنات صلفحاد الخمس تقدّمن إلى موسى وطلبن بأن يكون لهنّ نصيب بالميراث، فصلّى موسى وأعطى الله شريعة الميراث للبنات وليس للذكور فقط.
ومن هذه القصة نرى كيف أن بنات صلفحاد رفضن أن يعشنَ في ألم فقدان أبيهن، ويلبسن ثوب الحزن والاستسلام للمجتمع والعادات والظروف التي يمكن أن تكون فُرضت علينا في كثير من الأحيان. لقد طلبن من رجل الله أن ينصفهن ويأخذن ميراث ما وعد الله لشعب إسرائيل. لم يكنَّ أسيرات الفقدان بل قرّرن بأن يحتفلن بالحاضر ويعشن النصرة التي وعد الله بها. “افْرَحُوا فِي الرَّبِّ كُلَّ حِينٍ، وَأَقُولُ أَيْضًا: افْرَحُوا” في4:4. فقد كان مفتاح الفرح في الميراث هو المطالبة به، قويات، وجريئات، وواثقات بإلههنّ العظيم الذي يستطيع كل شيء ولا يعسر عليه أمر.
فأنتِ اليوم بالإضافة إلى ميراثك الروحي الذي يتمثّل بالقوة، والإيمان، والثقة والرجاء، والروح القدس المعزي، لديكِ ميراث أرضي يُجسّد مواعيد الله لحياتك في الحصول على حقوقك كامرأة وتحقيق نجاح يومي فيما تقومين به أو ما تمتلكينه من مواهب وامكانيات وقدرات وفرص لتحقيق ذاتك وتحقيق غرض الله لحياتك.
أنفضي غبار الماضي كما فعلن بنات صلفحاد، وعيشي ما هو حاضر بفرح، ورجاء، وإيمان، وصبر، وتزكية، وتعزية، وطالبي بميراثك الذي هو شفاء من المرض، وحرّية من الحزن، وقوة في الضعف، وثقة بإله عظيم أعطانا نعمة بأن نكون بناته. لا تنتظري بأن تتغير الظروف بل أنتِ من يجب أن تتغيري وتتمسكي بالإيمان بيسوع القادر أن يعينك ويُسندكِ.
ما أعظم أن نختبر قوة الله في حاضرنا وفي أيامنا التي نعيشها الآن. دعينا نعيش ما هو حاضر، وأن لا نّركّز على ذكرياتنا الأليمة التي حدثت في الماضي، أو المستقبل المجهول. بل أن نستمتع بالحاضر ونثق بأن يد الله في حياتنا، وأن كلمة واحدة منه تخلق ظروف جديدة وحياة جديدة.