ركّزنا في عددنا هذا على الاحتفال، الاحتفال بالحياة، بما يوجد بين أيدينا وليس ما أضعناه في الماضي أو ما لم نحصل عليه بعد في المستقبل.

قصتنا اليوم تحكي عن فتاة شابة جميلة فقدت الكثير في الماضي، فقدت طفولتها وبراءتها بين أروقة المستشفيات وفي جلسات العلاج الكيميائي. شُخّصت بالسرطان قبل أن تعرف حتى ما هو السرطان! وفقدت ساقها خلال عملية العلاج. لكنها عرفت كيف تحتفل، عرفت كيف تترك الماضي وراءها، وتحتفل بحاضرها.

استمتعوا بقراءة قصة جيسيكا كوين من نيوزيلاندا

كُنت طفلة رياضية وشقية جداً. أذكر أننيعندما كان عمري ثماني سنوات، كنت في البيت وألعب مع شقيقتي الكبرى عندما حاولت التوازن على كرة قدم وسقطت وكسرت عظمتي الفخد لدي.حاول الأطباء معالجتي لمدة ستة أشهر، وأجريت عملية جراحية ضخمة جدًا لوضع قضبان على عظمتي الفخذ في محاولة لشفائها، وخضعت للكثير من جلسات إعادة التأهيل، لكن دون جدوى. ومن هناك، أجرى الأطباء سلسلة من الاختبارات، ووجدوا سبب عدم شفاءها، كان لدي سرطان في العظام!

اكتشفوا ورم عظمي في حالة متقدمة جداً في فخذي وهو شكل من أشكال سرطان العظام. كان السرطان هو الذي سبّب الكسر، لأن عظم الفخذ هو أقوى عظام في الجسم ولا ينبغي أن ينكسر.

رحلة العلاج

بدأت رحلتي في العلاج، وخضعت لدورة علاج كيميائي لمدة ستة أشهر.هنا بدأنا بمواجهة بعض التحديات في العلاج، كان هناك خطر من أن تكون القضبان التي وُضعت في قدمي لعلاجها قد دفعت بالسرطان إلى الورك، وكانت احتمالية عودة السرطان مرتفعة جداً. لم يرغب أهلي في المخاطرة بعودة السرطان إلى جسدي. لذا أُجريت لي عملية تسمى “عملية استدارة”. كانت العملية قبل عيد ميلادي العاشر.

عمل الجراحون لمدة 14 ساعة لإزالة ساقي من وركي إلى ركبتي، ثم قاموا بإدارة ساقي من الركبة إلى الأسفل وربطها بالورك. ما يشبه الركبة لدي، هو في الأساس قدمي.

أعتقد أن هذه الجراحة اخترعت من قبل رجل ألماني، وكنت أول مريضة تُجريها بنجاح في نيوزيلندا. كانت هناك فتاة قبلي توفيت خلال اجراء العملية، لذلك كان الأمر خطيراً ودقيقاً، خاصة عدم وجود شخص قبلي قام بهذه العملية بنجاح لمقارنتي به.

أتذكر بعد الجراحة أنني كنت هستيرية إلى حد كبير، لكنني كنت مباركة لأنني حصلت على الكثير من الدعم من حولي. بقيت في العناية المركزة لفترة طويلة، واضطررت إلى الحصول على ثلاثة أشهر أخرى من العلاج الكيميائي عندما كنت قوية بما يكفي لأخذه بعد ذلك.

مرحلة تقبّل الألم

أمضيت سنوات مراهقتي في استجواب كل شيء، ولوم نفسي، والتساؤل: “لماذا أنا؟ ما الذي فعلته لأستحق هذا؟”، أردت بشدة أن أكون مثل أصدقائي. لم أكن أرغب في السير في الشارع بعد أن كان الناس ينظرون إلي. لمدة 8 سنوات لم أكن أرتدي أي شيء فوق ركبتي. حاولت اخفاء ساقي كلما كان ذلك ممكنا. لا أتذكر متى بدأت اكتسب ثقتي مجدداً، ولكنني أعتقد أني وصلت إلى نقطة تشعر فيها بالتعب من ضرب نفسك. لذلك قررت أن أتقبّل محنتي. لقد أخذ السرطان الكثير مني، ولم أكن على استعداد للسماح لهأن يأخذ أكثر!

مُستقبل مُلهِم

هناك الكثير من قصص الناجين من السرطان المذهلة، لم أشعر حقًا بأنني كنت مميّزة، لكنني أدرك الآن أن نظرتي للحياة يمكن أن تساعد الناس. عندما قيل لي” كل شيء يحدث لسبب ما ” كنت أتساءل لماذا حدث ذلك معي؟ لكنني أشعر الآن أنني أستطيع رؤية الضوء ووجدت هذا السبب.

إذا مُنحت لي الفرصة قبل بضع سنوات للتراجع عن كل شيء مررت به وأعيش حياة “عادية” ، لكنت قد تمسكت بهذه الفرصة، ولكن الآن يمكنني القول بصراحة أنني لن أغير شيئًا. بالتأكيد، هناك أوقات تكون فيها الحياة صعبة بساق واحدة، كل يوم أواجه تحديات هائلة وجديدة. التجارب التي اكتسبتها وتقديري لجمال الحياة شيء ربما لم أكن لأتعلمه إذا لم أمر بهذه التجربة. لذلك أريد أن أجعل مهمتي هي مساعدة الآخرين على تعلم الدروس التي تعلمتها دون الحاجة إلى المرور بها. نعم هذه الحياة صعبة وشاقة، لكنها تستحق أن تُعاش بكل تفاصيلها للنهاية، الجميع يستحق أن يعيش حياة يفتخر بها.

الواقع هو أن الأمور السيئة تحدث للجميع، هذه هي الحياة للأسف، ولكن كيف تكون ردة فعلنا لهذه الأمور، هو الأمر الذي يُغيّر كل النتيجة. لدينا وقت محدود هنا،علينا أن نتعلم أن نقدرالأشياء التي لدينا. فهذه الحياة سريعة الزوال، وقتنا هنا قصير، لذا لا تعيشها في حرب خاصة ليس مع نفسك. الطريقة الوحيدة التي يمكننا بها نشر اللطف تجاه الآخرين هي إذا قدمنا ​​ذلك اللطف أولاً لأنفسنا. أنا فخورة بالحياة التي أحياها لأنني حاربت بجد للحصول عليها،وأفضل جزء فيها هو أن قصتي بدأت للتو.