بقلم رانيا جقمان
“حالة الكورونا أشبه بحالة الحرب”. هذا ما عبّر عنه كل من شارك قصته في هذا الفيلم الوثائقي. حيث يصف أناس من مختلف أنحاء العالم العواقب الوخيمة لجائحة كورونا. يتحدثون عن المدن الخالية، وشعورهم بالخوف، وحياتهم اليومية، وكيفية التعامل فيما بينهم مع القليل من الأمل.
فقد سردت ممرضة إسبانية قصتها عن حلمها في مساعدة الناس وتخفيف آلامهم. أما ما يحدث معها اليوم فهو عدم توفّر الوسائل الكافية في المستشفى لإنقاذ الجميع. فمع سرعة انتشار الفايروس وازدياد اعداد المصابين، يصعب تزويد جميع المرضى في قسم العناية المكثفة بأجهزة تنفس.
ففي قصة روتها والدموع في عينيها، فقدت مريضة قضت معها احد عشر يوما حيث استمعت للعديد من قصصها واحلامها. فقد كانت بحاجة الى جهاز تنفس اصطناعي، فلو كان الوضع طبيعياً، كانت لتُنقل للعناية المكثفة للمعالجة، وكان من الممكن أن تعيش اكثر، لكن وللأسف بدل من تزويدها بجهاز تنفس اضطرت الى إعطائها مسكناً ليسهل عليها حالة الاحتضار لترحل من دون معاناة وبقليل من الكرامة.
فهي تُعبّر عن قلقها وخوفها من تلك القرارات الجنونية التي اضطرت لاتخاذها، وهي أن تضع حداً لأرواح الكثير من الناس. والحرب لا تزال مستمرة، وبحزن شديد يتم دفن الموتى بسرعة فائقة ودون السماح لأقربائهم بإلقاء النظرة الأخيرة عليهم.
أما المسعف أدريان من ميلانو، فكانت حياته مليئة بالشغف والحماس. لكن حياته اليوم مليئة بالتحدي والخوف. فقد مُنع من الاقتراب من الناس بشكل مباشر وطبيعي، حتى ابتسامته للمرضى اختفت بسبب ارتدائه الزي الواقي. فقد روى قصة عن مسّن كانت لديه صعوبة في التنفس، وعندما كان في الطريق اليه انتابه شعور بالخوف والقلق، وشعر بأنه غير مستعد لهذا الوضع وكأنه في حرب او صراع، على الرغم من انه عمل سابقا خلال الحروب والزلازل، لكن ما يحدث اليوم هو أصعب بكثير. فهو يعلم أن عليه مواجهة المرض الذي من المحتمل ان يكون سبباً في انهاء حياته أو حياة غيره، وهذا ما يجعله متردداً في مساعدة المرضى.
فكل تلك القصص وغيرها الكثير في الفيلم توضح لنا ما سبّبه لنا فيروس الكورونا؛ لحياتنا وعالمنا. لكن هنالك ما هو أصعب وينتشر أسرع ويؤذي أكثر من هذا الفيروس، ألا وهو الخوف. الخوف من المجهول، والخوف من عدم السيطرة على زمام الأمور، والخوف من خسارة سُبل عيشنا، والخوف من بعضنا البعض.
يجب علينا مقاومة المرض ومواجهته بالتصميم والارادة والوقاية، والأهم أن نواجهه بالإيمان كوننا في حضن الآب السماوي. فعلينا ان نعتني بالآخرين من مستضعفين ومتروكين، ومشاركتهم الرجاء الذي لنا في المسيح. فهذا هو الوقت المناسب لنا كمسيحيين لأن نضاعف محبّتنا ورعايتنا لمن هم بحاجة الينا. ففي وسط هذه الازمة، وكل الأخبار المحيطة بنا، لا نجد مأوى لنا سوى كلمة الله لتعطينا القوة والصمود والتحدي لمواجهة الخوف. فكما يقول لنا الكتاب المقدس “لاَ تَخَفْ لأَنِّي مَعَكَ. لاَ تَتَلَفَّتْ لأَنِّي إلهك. قَدْ أيدتك وأعنتك وَعَضَدْتُكَ بِيَمِينِ بِرِّي.” (إش 41: 10). فعلينا أن نحمل أثقالنا وأحمالنا والخوف الذي يأسُرنا ونلقي بهم أمام الله واثقين انه معيننا في الضيقات والشدائد لأن كلمته هي الدواء الروحيّ.