بقلم أم نور
أنا امرأة مسيحية من خلفية مسلمة، تعرفت على الرب يسوع قبل اثنتين وعشرين سنة ومنذ ذلك الوقت بدأت رحلة نموي مع الله وتعمّق علاقتي فيه.
من خلال هذا النمو عرفت إرادة الرب لحياتي فيما يخص موضوع الزواج، وأنه يطلب مني الارتباط بشخص يُشاركني نفس الإيمان، وشخص مخلّص في علاقته بالرب ويتبعه ويحبه من كل قلبه وعقله وقوته، بالإضافة إلى كونه شخصاً يشهد من حوله من الناس والقادة والمرشدين بمسيرته الروحية في خطى الرب وإتباعه لصورة المسيح. شكرت الرب كثيرا لأني لم ارتبط قبل أن أعرف المسيح لكي لا أعاني من اختيار الإنسان الغير مناسب.
بدأت أصلي لموضوع الارتباط، وبدأ مؤمنون حولي وقادتي الروحيين يصلون لنفس الموضوع، وشجعوني أن أصلي كثيرا لذلك، ثم أعطاني الرب حلما وعدني فيه بشريك مؤمن وطيب القلب وكنت فرحة جدا بذلك الوعد.
مضت السنين سريعاً، وبسبب انشغالي بأسرتي وحياتي لم أنتبه لمرور الوقت ولكن عندما بلغت سن الأربعين وكأنني استيقظت فجأة من سبات عميق و تذكرت وعد الرب لي، وبدأت أساله أين هو شريكي الذي وعدتني به؟ تقدّم لي خلال هذه الفترة عدة أشخاص ولكن عندما تعرفت عليهم أكثر وسألت قادتي الروحيين، أدركت أنهم ليسوا مناسبين وأن لا أحد منهم هو الإنسان الذي وعدني به الرب. وكانت هذه العلاقات تنتهي بإحباط شديد بسبب سقف التوقعات العالي الذي كنت قد وضعته.
وكلما مر الوقت زاد ضغط المجتمع والأهل بخصوص هذا الموضوع متسائلين إلى متى سوف تنتظرين؟ حتى أنني في مرحلة ما بدأت أصدق كلامهم وبدأ اليأس يتغلغل إلى قلبي ما أدى إلى تقصيري في الصلاة بخصوص الموضوع.
عندما بلغت الخامسة والأربعين تذكرت الآية التي تقول “أطلبوا تجدوا اقرعوا يُفتح لكم” وكأنني أسمعها للمرة الأولى، فأخذت الموضوع بجدية أكثر وبدأت أصرخ للرب وأذكّره بوعده لي، وكنت أصلي تحديداً من أجل زوجي المستقبلي، أنه إن لم يكن يعرف الله بعد فليفتح الله عينيه لكي يعرفه، وصليت بلجاجة حتى وصلت سن السابعة والأربعين، وإذا بصديقة تتصل بي وتقول إن هناك شخصاً تعرفه يريد الزواج ولكنه يسكن في بلدٍ آخر، كما أنه مؤمن ومن نفس خلفيتي. فرحت كثيرا ووافقت على التعرف عليه، عندما استيقظت في اليوم التالي، وجدت رسالة منه يُعرّفني فيها على نفسه، كنت فرحة جدا وكان يغمرني سلام داخلي كبير وأحسست في قلبي أنه هو من وعدني به الله، إنه يوم واحد غيّر مسار حياتي، يوم عادي تحوّل إلى نافذة لمستقبل جديد.
كنت ما زلت بحاجة أن أعرفه أكثر، وأن أعرف الناس المحيطين به والكنيسة التي ينتمي إليها والخدام الذين يرعونه. بدأنا نتكلم بشكل يومي ونتعرف على بعضنا أكثر، حدّثني عن حياته الماضية ورغم صراعي مع قسم من ماضيه، إلا أنني قدّرت صراحته وشفافيته وأحسست أنه لم يكن يتكلم عن ماضيه بسبب افتخاره به، ولكن كيف أنه عرف أخطاءه وندم عليها، وفهمت رغبته بعدم تكرار هذه الأخطاء وإصراره على عدم الوقوع فيها مجدداً. بعد أن أنهى كلامه، ذهبت لأتمشى وأتحدث مع الرب، لا أنكر أنني كنت أعاتب الرب على إرساله لي شخصاً اختبر كل هذا من قبلي وأنا كنت قد صنت نفسي للرب، ولكن الله تحدث لي من خلال كلمته، التي أظهرت أن في قلبي كبرياء كان لا بد أن ينكسر. وهنا أريد أن أنوّه بأن العديد من المعتقدات الخاطئة قد تحول دون أن نميّز الفرص التي يضعها الله أمامنا، ولكن من رحمة الله علينا أنه يُحاول باستمرار أن يدفعنا نحو الخطة الأفضل.
لم اتخذ قرار الارتباط به بمفردي، بل تشاورت مع من أعتبرهم أبي وأمي الروحيين، وخدام آخرين اللذين فرحوا لي كثيراً وشجعوني أن أتعرف عليه أكثر، وطلبوا أن يتعرفوا على قادة وخدام يرعونه لكي يتعرفوا على حياته الروحية ونموه مع الرب. وبالفعل تم ذلك، واتصل القس الذي يرعاه بأبي الروحي وتحدثا مطولاً حتى كان هناك قبول مبدئي، فدعوته لكي يأتي إلى القدس لكي نرى بعضنا وجها لوجه. قبل اللقاء الأول كانت مشاعري مختلطة، فيها الخوف والفرح، فيها الترقب والحماس، ولكن ما أن رأيته حتى تلاشى الخوف، فقد شعرت بالسلام والطمأنينة وعرفت في قرارة نفسي أن هذا هو الإنسان الذي وعدني به الرب.
مما ساعدنا كثيرا في علاقتنا أننا أخذنا دروساً معاً قبل الزواج عن الاحتياجات العلاقاتية، التي جعلتنا نفهم اختلاف طريقتنا في التعبير عن المحبة واستقبال المحبة من الآخر، وفهمنا اختلاف الرجل عن المرأة. كما وفهمنا ما هو الزواج بنظر الله، وأن الزواج هو عهد بين الرجل والمرأة بالتضحية المتبادلة يضمنه الله، وأن المحبة هي قرار عقلي وليست فقط مشاعر مبنية على ما آخذه، وأن السعادة الحقيقية هي في العطاء وليس الأخذ، وكما أن الله سُّر بتضحيته على الصليب هكذا سعادتنا تكمن بما نعطيه للآخرين.
أنا اليوم امرأة متزوجة من رجل الله منذ حوالي ستة أشهر، وأنا سعيدة جداً. لذلك أنصحكِ أختي إذا كنتِ ترغبين بالزواج، بأن تُصلّي إلى الله بلجاجة أن يُرسل لكِ رجلاً مؤمناً بالمسيح، ولكن انتبهي أن لا تجعلي من موضوع الزواج صنماً في حياتك أو عبادة مع الله. صلّي له من الآن أن ينمو في علاقته مع الله. انمِ أنت أيضاً في علاقتك مع الله. واعرفي عما تبحثين في شريك حياتك، تناقشي في ذلك مع إنسان ناضج في علاقته مع الله لكي يساعدك على معرفة ما هي المواصفات المناسبة لك. وتذكري دائماً أن قرار الارتباط مهم جداً، فشاركي قائدك الروحي إذا ما تعرفتي على شخص ما ليُعطيكِ رأيه، واحرصا على أن تحصلا على المشورة قبل الزواج لتعرفا ما أنتما مقبلين عليه، ولتفهما الواحد فكر الآخر والاختلافات الموجودة بينكما.