مُمثّلة وكوميدية ومُدافعة عن حُقوق الإنسان، لم تمنَعْها إصابتها بالشلل الدماغي من تحقيق حُلُمِها والوصول إلى العالميّة كأوّل كوميديّة أمريكيّة من أُصول فلسطينيّة. تَرسم بذكاء الابتسامة على وجه كلِّ مَن يُتابعُ عروضها الكوميديّة الرائعة، وتَستخدمُ شعبيَّتَها عبر وسائل التواصل الاجتماعيّ لتوصيل رسائل هادفة كنشر مُعاناة الشعب الفلسطينيّ، وتقديم العرب بصورة مُشرِّفة.

طفولتها

ولدت ميسون زايد عام 1974 في الولايات المتحدة، لأسرة فلسطينية تعود أصولها إلى قرية بجانب رام الله، تُعاني ميسون من شلل في الدماغ بسبب خطأ طبي أثناء ولادتها. تقبّل أهلها تلك الإعاقة، وكان والدها يُساعدها بالسير بجعلها تقف على أقدامه.قام أهلها بمساندتها ومساعدتها حتى تتغلب على مرضها، فكانوا لا يميزوا بينها وبين أخواتها، وقاموا بتسجيلها في مدرسة عادية، حيث حققت فيها نجاحاً كبيراً واستطاعت التغلب على جميع الظروف التي واجهتها بسبب إعاقتها.

عشتُ في فقاعة، وهذا جعلني الشخص الذي أنا عليه الآن.”

التحقت بجامعة ولاية أريزونا، وفي يومها الأول بصف الأدب الإنكليزي، صعقها أستاذها بسؤال: “هل يمكنك القراءة؟” حتى حين أعلن قسم المسرح عن مسرحية عن فتاة مصابة بشللٍ دماغي، اختيرت طالبة معافاة بدلاً من ميسون لأداء الدور.

وعلّقت ميسون على الموضوع: “كان الأمر مدمِّراً، لأنِّي علمتُ أنَّني جيدة. كانت الفتاة التي حصلت على الدور ممثلةً جيّدة. لكن لِمَ يريد أي شخص رؤيتها وهي تتظاهر بالشلل الدماغي في حين أنا جالسة هنا؟”

على الرغم من أنها قامت بدراسة التمثيل وتفوقت به، إلا أنها لم تحصل على أي دور في بداية الأمر ولا حتى دور المعوقين. كانت إعاقة ميسون زايد وأصولها العربية تقف عائقاً بينها وبين دخول مجال الفن والتمثيل.

مع ذلك تحدّت هذه الصورة النمطية وفي عام 2004 في ولاية نيويورك قامت ميسون زايد بالإسهام في تأسيس مهرجان العرب الأمريكي. وانضمت إلى العديد من النشاطات السياسية التي تقوم على دعم القضية الفلسطينية. صممت ميسون زايد في ذلك الوقت على قضاء ثلاث أشهر من كل سنة في أحد مناطق فلسطين. كانت تعمل أيضاً على إدارة برنامجاً للفنون خاص بالأشخاص ذوي الإعاقات واليتامى هناك.

واجهت الجمهور بجسد مرتعش

قامت هذه الممثلة بممارسة فناً صعباً يدعى فن ال Stand up. عملت ميسون على مواجهة الجمهور بجسدها المرتعش، وعلى الرغم من أنها لا تستطيع الوقوف قامت بممارسة كوميديا الموقف.

تستطيع ميسون زايد أن تضحكك وتبكيك في اللحظة نفسها! لا تريد الشفقة من أحد، فما أنجزته في حياتها عجز عنه الملايين، ولكنها تهدف فقط إلى تغيير الصورة النمطية عن كل ما تمثله شخصياً من أقليات، كونها عربية ولديها إعاقة.

حيث يُشكل ذوو الإعاقة 20% تقريباً من السكان في أمريكا. لكنَّهم يمثلون 2% فقط من الشخصيات التلفزيونية، التي يؤدي 95% من أدوارها نجوم أصحاء.أ ما الشرق أوسطيون فهم أكثر مجموعات تتعرض للتشهير في الولايات المتحدة.

 

قويّة ومُلمهة

“لستُ ملهمة لأني لا أنتحب حول إعاقتي، ولكن لأني جعلتك تضحك.”

في كل مرة، تنتقد ميسون الناس لاستخدامهم كلمة معينة رهيبة، وتقول: “إذا كنتَ تظن أنَّني ملهمة لأنِّي أذهب وأؤدي عروضاً كوميدية في قلب العالم العربي غير محجبة ودون رقابة، سأقبل ذلك. أما إذا كنت تظن أنَّني ملهمة لأنِّي أستيقظ في الصباح ولا أنتحب حول حقيقة أنَّني معاقة، فهذا ليس إلهاماً. كأنِّي أجعلك تشعر بالرضا عن نفسك لأنَّك لستَ مثلي. أريدك أن تشعر بمشاعر أفضل تجاه نفسك لأنَّني جعلتك تضحك.”

وتُضيف ميسون: “لوني وإعاقتي لم يكُونا في صالحي، هوليوود تُفضِّلُ الفتيات بمواصفات مُعيَّنة غير مُتوفِّرة فيَّ، ما حَقَّقْتُهُ كانَ نتيجةً لعمل جادٍّ بالتأكيد ليس للحظِّ أيُّ يدٍ في نجاحي.العائقُ الأكبرُ كونِي امرأةً في مجالٍ يُسيطرُ عليه الرِّجال، أمّا وَضْعِي وَعَقِيدتي فلم تُزْعِجُنِي يوماً، أنا سعيدةٌ بنفسي كما أنا.

 

المستقبل

“لا يُوجدُ يومٌ اعتياديٌّ عندي، كلُّ يومٍ يَحملُ شيئًا جديدًا، مُمكنٌ أنْ أَكُونَ في الطائرة أو ضيفةً في برنامج، أو قد أَكونُ مُستلقيَةً على السرير، أو أَكتُبُ أو أَقُومُ بأعمالٍ خيريّة، أَعيشُ يومي كما أُحبُّ وبالطريقة التي تُناسبُني،كل يوم مغامرة جديدة ، لا أعرف ماذا تحمله لي الأيام .”

لدى ميسون الآن اتفاق مع قناة مشهورة لإنتاج مسلسل كوميدي شبيه بالسيرة الذاتية عنوانه Can-Can، تؤدي ميسون فيه دور البطولة. وCan-Can تعبير استخدمه والدها في صغرها ليحثّها على تخطي إعاقتها، قائلاً: “لو استطاع الآخرون فعل ذلك، فأنت أيضاً تستطيعين.”

في هذا العدد اخترنا أن تكون مُلهمتنا فلسطينية مثلنا وقريبة لنا،اختارت أن لا تجعل من اعاقتها أو من عيشها في مجتمع اضطهد هويتها وديانتها ومن هي عائقاً أمامها، بل اجتهدت وثابرت لتصل إلى قلوب الناس، وتوصل صوتها وقضيتها إلى العالم، ولتنجح في ما فشل فيه الكثير، إضحاك الناس من القلب!