بقلم ميرنا خوري

ها هي أيام الطفولة والمدرسة تنتهي وتبدأ أيام الجامعة والأحلام. وتبدأ مرحلة الاستقلالية, ماذا سوف أدرس ومن أين سأبدأ حياتي؟ تعتقدين بأن حياتك الخاصة بدأت وسوف يكون لكِ رأيك الخاص الآن…

لتنصدمي بواقع آخر…المجتمع وأسئلته التي لا تنتهي .. لا تعرفين اذا كانت هذه الأسئلة خوفاً عليكِ أم مجرد تدخّل في حياتك. وتبدأ حينها الأسئلة .. لماذا لا تريدين الزواج؟ لماذا حتى الان لم يأتي أحد لطلب الزواج منك؟ لماذا ترفضيين كل هؤلاء الشباب الذين يتقدمون اليك؟ والأقوى (شوفي بنت فلان أصغر منك اتجوزت وانت لسى قاعدة) في هذه اللحظة يشعرونك بأنك لا تصلحين أو بأن لديك مشكلة ما..

تأخذين قراراك بأن لا تُصغي لهم وتسيري في حياتك التي خططتي لها, وتصادفين شريك حياتك الذي كنت تحلمين به. وتحلمون بحياة سعيدة معا, وفعلاً تتم الامور وتتزوجين من فارس احلامك. عندها تعتقدين بأن الامور أصبحت أفضل وبأن الناس سوف تتركك ولن تزعجك في أسئلتهم التي تجرحك.

تتزوجين وتعيشين أجمل أيامك في بداية زواجك وتبدأين مع شريك حياتك بالتخطيط لحياتكم وتطوير العلاقة التي تجمع بينكم. لتبدأ أسئلة الناس حول تأخر الإنجاب؟؟ تعتقدين بأنه مجرد سؤال ولكنك تتفاجئين بأنها ليست مجرد أسئلة, بل باتت سكاكين تجرح بك ببطىء.

فضول الناس في هذا الموضوع بالتحديد يدفعك للابتعاد عنهم والابتعاد عن كل مكان تتجمع فيه الناس لتجنب الحزن الذي سيأتيك من هذه الاسئلة. يزرع الناس لا أدري إن كان عن قصد أو عن غير قصد وجعاً رهيباً  بداخلك فقط من أجل النميمة والفضول.

حينها جلست أسال نفسي. هل سوف أترك هؤلاء الناس يتحكمون في حياتي؟ هل سوف أتركهم يتحكمون بمشاعري؟ أين هي المشكلة إذا قرر الزوجين التخطيط لحياتهم وتأمين مستقبل جيد قبل انجاب الاطفال؟؟؟

تفكرين في البداية بأنه بعد الزواج لن تتدخل ألسنة هؤلاء الناس في حياتك ولكنك تنصدمين بواقع اخر, بألسنة مثل السكاكين تترك تلك الجراح الدفينة, كأنك سوف تنجبين الأطفال لهم و ليس لك.

هنا يأتي دورك إما أن تسمحي لتلك الكلمات بأن تحبطك, أو تتعلمي بأن تقفي في وجهها وتضعي الحدود لهؤلاء الناس ولتدخلاتهم, ولا تستسلمي لها لتصبح هي من تدير دفة حياتك. أنت وزوجك فقط هم أصحاب هذا القرار وليس ألسنة الناس.

في يوم تشعرين بألم خفيف في أسفل بطنك تذهبين لطبيب عام ينصحك بزيارة طبيب نسائي, تأخذين موعد وتذهبين بكل راحة وتجلسين في غرفة الانتظار. في انتظار موعدك… في هذا الوقت تنهال عليك الأسئلة, هل أنت حامل؟ وفي أي شهر؟ وإذا أجبت بلا… تنهال عليك الاسئلة من جديد!! تبدأ علامات التعجّب لديهم… لست حامل!! كما لو أنك ارتكبت جريمة أو فعلت شيئاً فاضحاً, لماذا لست حامل هل لديك مشكلة هل تعانيين من شيء؟؟ وتبدأ كل واحدة بإعطاءك وصفات للعلاج. تُصيبك الصدمة وتعجزين عن الكلام والرد, وتنسين فعلاً لما أنت في هذا المكان ولما أتيتي!! منذ متى كان الدكتور النسائي فقط للحوامل؟ من أعطى هذا التصريح وهذا الجهل وعدم الادراك والتوعية؟

نصيحتي لكي عزيزتي في محاولتك لإرضاء الناس لا تنسي نفسك وطموحاتك, لأنه مهما فعلتي لن تسلمي من كل هذه الامور, الخاسر الوحيد في هذه المعركة النفسية هي أنت, وتذكري دائماً أن تكوني مستعدة لكي تصبحي أُم أفضل بكثير من أن تصبحي أم فقط لإرضاء الناس.