بقلم جيهان تويمة نزال
المديرة الإدارية في كلية بيت لحم للكتاب المقدس
” أفكارك اليوم هي مشاعرك غداً…
مشاعرك اليوم هي معتقداتك غداً…
معتقداتك اليوم هي سلوكك غداً…
سلوكك اليوم هو واقعك غداً…
غيّر أفكارك، يتغيّر واقعك.”
هذه هي ثورة القرن الحادي والعشرين الفكرية…
قد يجد البعض أن هذه مجرد أوهام بل خرافات لا مكان لها من الصحة وأن التفكير الإيجابي ما هو إلا تجاهل لمواقف الحياة الصعبة وتزييف للحقائق وبعد عن المنطق. ولكن الواقع يقول أن الله قد خلقنا على هذه الأرض ومنح كل منا نعمة التفكير، ولكن ما يصنع الفرق بين إنسان وآخر هو الطريقة التي يفكّر فيها.
إن التفكير الإيجابي يبدأ بحديث الإنسان مع نفسه، وبلغة البرمجة اللغوية العصبية، فإنه يبدأ بالرسائل التي نقوم بإرسالها إلى العقل الباطن. ولإدراك ذلك، لا بدّ من الإشارة إلى أن العلماء قد قسّموا العقل افتراضياً إلى قسمين: العقل الواعي والعقل اللاواعي (الباطن)، ووفق الدكتور إبراهيم الفقي مؤسس علم البرمجة اللغوية العصبية، فإن ” العقل الواعي هو الذي يقوم على أساس المنطق؛ فيحلّل ويستنتج ويرجح ويختار ويصدر الأحكام، إلى غير ذلك من أساليب التفكير. أما العقل الباطن فهو طاقة جبّارة محايدة يقبل كل ما يأتيه من العقل الواعي دون تمحيص؛ فكل ما يرسله العقل الواعي يعتبر حقيقة لا يجادل فيها العقل الباطن، وهو مخزن عظيم للذاكرة تخزّن فيه الأصوات والصور والأسماء والأحداث والتجارب السابقة.”ومن هنا، لا بدّ أن نكون على ثقة أن عقلنا الباطن باستطاعته أن يمدّنا بقدرات هائلة جداً إذا أجدنا استخدامه، وفي نفس الوقت يمكن لهذا العقل أن يكون عامل هدم ودمار خطير إذا ما أسيء استخدامه.
إن التفكير الإيجابي لا يعني أبداً أن نغضّ الطرف عن المشكلات والصعوبات التي نواجهها في حياتنا، وإلا فإننا نكون كمن يحاول أن يغطي الشمس بغربال. إن الواقع يقول أن الحياة فيها الحلو وفيها المرّ، فيها الفرح وفيها الحزن، فيها السهل وفيها الصعب، فيها الخير وفيها الشرّ، فيها الإنجاز وفيها الإخفاق. الحياة باختصار، يوم لك ويوم عليك.
الحقيقة أن الشخص الذي يبرمج عقله على التفكير بإيجابية حتماً يرى المشكلة ولكنه يركّز على حلّها. أجل، فهو إنسان واقعي، عملي، حكيم، يعرف كيف يقود سفينة حياته ليصل إلى شاطئ الأمان على الرغم من العواصف العاتية التي تعترض طريقه. فردة فعل الإنسان الإيجابي تجاه المواقف التي يتعرّض لها هي التي تصنع الفرق؛ ففي قرارة نفسه هو مؤمن بل على يقين أن الله لن يرتب له إلا الأفضل وأن الأفضل هو القادم دائماً…هو الإنسان المدرك أن الصعوبات والألم والتحديات ما هي إلا طريق يمرّ بها ليصل إلى الصلابة والقوة والصبر، هو ذاك الإنسان الذي يدرك تماماً أن الشمس لا تبدو أكثر إشراقاً إلا بعد اشتداد العاصفة،وأن الغيث لا يأتي ليملاً الأرض بالخيرات إلا بعد تكاثف الغيوم وتلبدها.
لقد أثبتت الدراسات أن التفكير الإيجابي يساعد الإنسان في المحافظة على صحته الجسدية والنفسية وتقوية مناعة جسمه ضدّ الأمراض، هذا بالإضافة إلى تحقيق التوازن في الحياة والتأقلم مع التغييرات التي قد تطرأ على حياته. وأضافت دراسات أخرى أن الإنسان عندما يفكر بطريقة سلبية، فإنه يتم إفراز بعض السموم بالدم، مما يزيد الشعور بالكآبة وعدم الرضا والسلبية.
برأيي، إن عيش حياة صحية هو مسألة اختيار؛ فلا يمكننا أن ندع التفكير السلبي يسيطر علينا، وبالمقابل نتوقّع أن نعيش حياة ملؤها الصحة والتوازن والسعادة والفرح. إن الطريقة التي نفكر بها هي التي تحدّد مشاعرنا، ومشاعرنا تحدّد الطريقة التي نتصرّف بها، وفي نهاية المطاف هذا كلّه يقودنا إلى صياغة الواقع الذي نعيشه. فالأنماط الفكرية الهدّامة كالقلق والخوف والتوتر والتشاؤم لا تجلب للإنسان سوى التعاسة والمرض والمزيد من المشاكل والعقبات. وإن أدركنا أن الفكرة هي أساس الواقع، وأن التفكير الإيجابي هو أحد أهم أعمدة النجاح، عندها فقط نستطيع تسخير قوة أفكارنا الخارقة – بعون الله – لتغيير حياتنا نحو الأفضل ولعيش حياة سعيدة متوازنة.
فهذه دعوة لكي نسيطر على مشاعرنا وأفكارنا، ولا نسمح لأنفسنا بأن نغرق في بحر التيارات الفكرية ولنجعل أحلامنا تصل حدود السماء،ولننظر إلى الحياة بمنظار التفاؤل والإيجابية فنمضي قدماً نحو تحقيق ما نريد… ولنثق قبل كل شيء أن لنا رب كريم خلقنا لنحيا حياة سعيدة.
وفي الختام، أود المشاركة ببعض الخطوات العملية التي من شأنها أن تحوّل تفكيرنا من تفكير سلبي إلى تفكير إيجابي:
- حدّدوا أهدافكم ورسالتكم في الحياة واعملوا جاهدين لتحقيقها.
- ركّزوا على النجاح فقط وتخيّلوه دائماً.
- ثقوا بأن الله هو قائد سفينة حياتكم وأنه سيصل بكم حتماً إلى شاطئ الأمان؛ فضعوا كل شيء في يديه.
- صلّوا ولا تملّوا.
- ارسموا أحلامكم بريشة الإبداع وآمنوا بها.
- كونوا مرنين.
- كونوا على ثقة بأنه لا يوجد ما يسمى فشل بل تجارب وخبرات.
- دعوا قلوبكم تشعّ بالحب اللامشروط.
- ابتسموا مهما كانت الظروف.
- اعملوا الخير دون انتظار المقابل وأعطوا بفرح.
- خالطوا الناس الإيجابيين وتعلّموا منهم.
- لا تفكروا بالماضي ولا تقلقوا على المستقبل.
قديما قيل: ” أنا أفكر إذن أنا موجود.”
أما اليوم فأقول بتواضع: ” أنا أفكر إيجابياً، إذن أنا أعيش حياة سعيدة.”