هذاالمفهوم يعتبر على قسط من الأهمية باعتباره عنصرا حيويا لا يمكن تجاهله في عملية التنمية ، وهو حالة لا بد من الوصول اليها وتحقيقها اذا ما ارردنا فعلا ان نخلق حاله من الحراك باتجاه التغيير واعادة بناء النظام الأجتماعي والأقتصادي القائم ،انعملية التمكين تعني بصورة خاصة العمل الجماعي والتمكين الجماعي للنساء او الفئات المهمشة و في المناطق المهمشة لتجاوز العقبات والتمييز الذي تتعرض له النساء او الفئات المهمشة في الوصول للمصادر والفرص واالمشاركة بتحديد احتياجاتهن/هم، وبالتالي يتم اقصائهن/هم عن المشاركة السياسية والأقتصادية.

تم التعرف على مصطلح او مفهوم التمكين في تسعينيات القرن العشرين من خلال الوثائق الدولية الخاصة بالمرأة والصادرة عن هيئة الأمم المتحدة، وأهمها وثيقة مؤتمر القاهرة للسكان (1994)، ووثيقة المؤتمر العالمي الرابع للمرأة (1995)، ثم صار المصطلح محوريا في كل ما تلاها من وثائق، مثل: القاهرة للسكان+5، بكين+5، ومن ثم الأهداف الأنمائية MDG’s وحاليا الأهداف التنموية SDG’s

منذ الثمانينيات تقريبا تبنت الأمم المتحدة إستراتيجية تمكين النساء، وقيل في أسباب ذلك أن النساء يواجهن مخاطر إضافية بسبب التمييز القائم ضدهن على أساس النوع والجنس الذي أدى إلى حرمانهن من الفرص المتكافئة مع الرجال في التعليم والعمل والسياسات، ونظرا لتقاعس الحكومات في وقف ذلك التمييز فقد لجأت المنظمة الدولية إلى التدخل من أجل إقرار سياسة عالمية تضمن مشاركة متكافئة للنساء في التنمية وتعمل على إزالة آثار التمييز الواقع عليهن. وعملية التمكين -وفقا للأمم المتحدة- عملية هامة وحيوية وليس بوسع أي مجتمع الاستغناء عنها، وقد حددت تلك الأهمية في: بناء اقتصاديات قوية، إقامة مجتمعات أكثر عدلا، تحقيق أهداف المجتمع الدولي المتعلقة بالتنمية وحقوق الإنسان، الارتقاء بمستوى حياة الإنسان والمجتمعات[1]وتعرف د. فايزة بن حديد التمكين على انه “قدرة المرأة على الحصول على الموارد والسيطرة عليها، والقيام بخيارات واتخاذ قرارات واعية، والتأثير على التغيرات التي تطرأ على المستوى المحلي والأسري والوطني.

والتمكين بحد ذاته عملية ذات أبعاد مختلفة ومتشابكة متعلقة بالموارد “من حيث الوصول اليها وإحقاقها والسيطرة عليها”،والقدرة على اتخاذ القرارات وان يكون مسؤولا عنها وكذلك يشمل المنافع والعائدات المحققة سياسيا واجتماعيا واقتصاديا.

التمكين هو عملية ديناميكية تسعى للقضاء على اشكال التمييز واللامساواة بين البشر، حيث ان نجاح عملية التمكين يستوجب بالضرورة ازالة جميع العقبات القانونية والأجتماعية والسياسية والأقتصادية او غيرها من السلوكيات النمطية التي تضع المراة والفئات المهمشة في اخر اولويات الدول.

هل المشاريع الصغيرة والمتوسطة التي تقدم للنساء سواء بشكل فردي او جماعي هي اداة ومدخل لعملية التمكين الأقتصادي والتخلص من الفقر ؟ ام هي مدخل لعبودية النساء واستغلالهن اكثر فاكثر؟ يعني النساء تصل للموارد ولكن هل تمتلكها ، هل تحقق السيطرة عليها، هل تمكنها من اتخاذ قرارات بشان حياتها وحياة اسرتها ومجتمعها، هذه اسئلة لا بد من تناولها قبل البدء في تنفيذ اي مشروع اقتصادي.

المشاريع الأقتصادية تكون مدخل للعبودية والأستغلال للنساء والفئات المهمشة ما لم يتم اتباع منهجية واستراتيجية سليمة ، المنهجية تعمل اولا على وصول النساء للموارد والمصادر ، وفي ذات الوقت توعية النساء بحقوقها الأقتصادية والتي نص عليها القانون والأجراءات القانونية والبنكية التي تضمن امتلاكها لمشروعها والسيطرة عليها والتحكم فيه ليس من باب السيطرة في الأسرة لكي تصبح هي الرجل، بل على العكس تماما لكي تبقى هي المراة التي تستطيع ان تدير وترعى اسرتها بشكل متساوي مع الزوج وكذلك تستطيع ان تسهم في زيادة الدخل القومي للفرد من خلال مساهمتها في الأقتصاد الوطني واحتسابه.

جمعية تنمية واعلام المراة –تام هي احدى الجمعيات التي بدات بالعمل على التمكين الأقتصادي بشكل ممنهج ضمن استراتيجيتها للأعوام 2015—2017، مع نهاية العام 2015 سيتم افتتاح وتدشين 13 مشروع اقتصادي غير تقليدي في منطقة الأغوار واريحا، 120 سيدة هن من طورن هذه المشاريع وتم تدريبهن على حقوقهن القتصادية والأجتماعية وتم بناء وتطوير وثيقة مطلبه وقعت عليها العشرات من مؤسسات المجتمع المحلي والشركاء ومؤسسات الحكم المحلي لكي هذه الوثيقة تتضمن تطوير سياسات حماية للنساء من الأستغلال الأقتصادي، ومطالب محددة في تخفيض رسوم الترخيص والتسجيل لمشاريعهن سواء في الغرفة التجارية او في مديريات العمل. على مدار عام ونحن نعمل على تمكين النساء لكي تتمكن النساء من ان تمتلك هذه المشاريع وتقوم على تسجيلها رسميا باسمائهن.

التحديات اعلى من التوقع ولكن لنا اصرار ان نبني نماذج من المشاريع الصغيرة الغير تقليدية ونموذج حول التمكين الجماعي للنساء فالمشاريع سوف تمتلكها مجموعات نسوية وسوف يتم تسجيلها باسمائهن. نطمح من ذلك تعزيز سيطرة النساء على حياتهن في الأسرة، والمجتمع.

النساء الفلسطينيات يسعين دوما لدعم اسرهن والعمل بغض النظر عن طبيعة العمل لكن من المهم جدا ان النساء الفلسطينيات يحمين حقوقهن ويأخذن قرارتهن بانفسهن ويعملن ضمان لهن ولمستقبلهن.

في فلسطين تشكل النساء حوالي 49.3% من السكان، وتشارك 17.3% ممن تزيد اعمارهن عن 15 سنة في القوى العاملة فقط، مقارنة مع69.3% للرجال عام 2013. و19.5% من النساء يعملن في مشاريع للاسرة من دون اجر. و4.5 % من الحيازات الزراعية فقط تعود للنساء[2] بينما 28.7% من النساء يمتلكن اراض وفقط 11.1% يمتلكن منزلاً في فلسطين[3].. وفي فلسطين تبلغ الفجوة في الاجور بين الجنسين في القطاع الخاص حوالي 12% لصالح الرجال، ونجد ان نسبة النساء المصنفات ضمن فئة ارباب العمل بلغت 1.6% فقط، اما العاملات في مصالحهن الخاصة فقد وصلت نسبتهن الى 11.5%[4].

تعتبر استراتيجيات المشاريع الصغيرة من الأستراتيجيات التي يتم الترويج اليها كثيرا في فلسطين، مثل دائرة التمويل الصغيرة لوكالة الغوث، الجمعية الفلسطينية لصاحبات الأعمال اصاله وجمعية فاتن وجمعية الشبان المسيحيه وغيرها من المؤسسات. حسب احصائيات 2009 بلغ عدد المقترضين 34832 مقترضا كانت نسبة النساء منهم 49.3% ونسبة النساء المسجلة في الغرفة التجارية تصل الى 2%.

ورغم أن هناك زيادة ملحوظة في انخراط النساء في سوق العمل، ومن يمتلكن مشاريع صغير ويعملن بمشاريع انتاجية صغيرة ، إلا أن جل توظيفهن وعملهن يتمحور في المهن متدنية الأجر، ويعملن دون اجرحتى ان النساء اللاتي يبعن شيئا من منتجاتهن الريفية بشكل مستقل عن الرجال، يحظين بسعر اقل نتيجة محدودية حركة المرأة وعدم قدرتها على السفر، والتمييز، واختلاف المنتجات. ولا تحتل المرأة غالبا مواقع ريادية في أماكن العمل نتيجة البنيةالبطريركية السائد والتي تميز سلبا ضد المرأة في علاقاتها، ولعدم رغبة النساء أيضا في السعي وراء ادوار قيادية بسبب جدولهن المليء بالأعباء المنزلية، الأمر الذي يجعل من مشاركتهم في اجتماعات متكررة وطويلة، والى وقت متأخر في كثير من الاحيان، أمرا صعبا.

فكتوريا شكري

مديرة دائرة البرامج/ مختصة في المتابعة والتقييم

جمعية تنمية واعلام المراة تام

[1]صندوق الأمم المتحدة الإنمائي (اليونيفيم)، المبادئ المعنية بتمكين المرأة، ص1-2.
[2] الجهاز المركزي للاحصاء الفلسطيني، 2013. مسح القوى العاملة الفلسطينية: التقري السنوي: 2013 رام الله-فلسطين
[3] شركة ريادة للاستشارات، دراسة بحثية: التمكين الاقتصادي للمرأة في الضفة الغربية-فلسطين، 2010، الجمعية الفلسطينية لصاحبات الاعمال “أصالة”.
[4] اعتدال الجريري وفداء البرغوثي، المرأة والعمل، 2010 الجهاز المركزي للاحصاء الفلسطيني