• مغبوط هو العطاء أكثر من الأخذ

“نعتذر عن عدم ذكر الشخصية الحقيقة للقصة وذلك احتراماً لرغبتها”

قصة تبني وعطاء يومي

في الوقت الذي يُصارع العالم من أجل الحصول على قوانين تُشرّع الإجهاض، وفي الوقت الذي يوضع فيه الملايين من الأطفال يومياً على أبواب الملاجئ والمياتم، نرى الله ملجأ كل مُشرّد وكل طفل وكل محتاج يوفّر بيوتاً دافئة لأبنائه المرفوضين، ويخلق من الموت والترك والفقدان، حياة ومحبة وعطاء.

هي امرأة فلسطينية مسيحية لديها عائلة وأولاد، قررت بكل محبة ووعيًّ تام أن تحتضن طفلة صغيرة، وتأخذها من مؤسسة للاحتياجات الخاصة وتفتح لها قلبها وبيتها لتكون جزءاً من عائلتها الكبيرة.

“تشاورتُ مع عائلتي، وقررنا جميعاً بأننا نُريد أن نضم أمل التي تناهز الثلاثة أعوام إلى عائلتنا، ونُقدّم لها الحنان والعطف الذي افتقدته في ملجأ الأيتام الذي عاشت فيه. في البداية اعتقدنا أن الأمور ستسير بشكل سلس وسهل، ولكن الواقع كان أشد صعوبة مما اعتقدنا. واجهنا العديد من التحديات والعقبات لإنجاز الأوراق القانونية اللازمة لإخراج الفتاة من الميتم”.

من المعروف في فلسطين عندما يحدث ويجدوا طفلاً رضيعاً على باب ميتم، أن تسجله الحكومة تحت اسم عشوائي وتحت خانة الديانة الإسلامية. ولذا فالإجراءات في فلسطين ليست سهلة اتجاه موضوع التبني، وبما أن أطفال كثيرين وُجدوا بهذه الطريقة، لذا التبني محدود لفئات معينة من المجتمع لذا الحل الأنسب هو احتضان الأطفال.

“لذا كعائلة مسيحية، لا يحق لنا قانونياً أن نتبنى أمل أو أي طفل ثاني رسمياً. ولكن الشيء المسموح لنا كان ما يُسمى بالعائلة الحاضنة. وهذا ما حصل، فقد سمحوا لنا بأن نحتضن أمل والسبب أنها طفلة ذات احتياج خاص”.

تنعم أمل التي تُركت لأسباب مجهولة على باب ميتم منذ حوالي تسع سنوات بدفء العائلة والأم والأب والإخوة. وطبعاً إن أمل تعرف كل شيء عن وضعها وبالتفاصيل، وكعائلة لا يحاولون إخفاء أي شيء عنها. والطريف في الموضوع أن أمل الفتاة الجميلة والمدللة تحتفل بعيد ميلادها يومين في السنة، الأول يوم مولدها الحقيقي والثاني يوم دخولها للعائلة.

“كبرت أمل لتصبح فتاة جميلة وذكية، وهي متفوقة في مدرستها. وأنا أعاملها كابنة حقيقية لي، أعاقبها عندما تقوم بتصرف خاطئ، وعندما تحتاج إلى حنان وحضن وقبلات فهي متوفرة دائماً. ابنتي هي بركة كبيرة لنا تماماً كما نحن بركة لها”.

لكن ما هو موقف المجتمع من التبني؟

“بالطبع واجهت تحديات كبيرة من قبل المجتمع الفلسطيني والناس، فبالنسبة لهم هذا ليس موضوعاً عادياً أو طبيعياً، فأنا أم وما دمت قادرة على الإنجاب ولدي عائلة وأولاد بيولوجيين فلماذا أحتاج أن أحتضن فتاة ذات احتياج خاص؟ وأما أنا فقد قمت بذلك لذات السبب بالتحديد، لأن لدى أمل احتياج خاص فقد دفعني ذلك إلى الرغبة في احتضانها ورعايتها”.

اسمع الناس يقولون باستمرار ويتهامسون فيما بينهم وأحياناً بشكل صريح “هذه الفتاة مسكينة”! لا هي ليست مسكينة أبداً، بل هي مباركة وفتاة سعيدة لان الله وفّر لها منزلاً وعائلة تحبها وتحتضنها.

كما أن البعض اعتقد بأنني احتضنت الفتاة لكي آخذ شفقة وأموال ومساعدات الناس، فظنوا أن هناك مردود مادي ومنفعة مالية سأجتنيها من احتضاني لأمل، إلّا أنني ربيتها وكبرتها بعرق جبيني ولم أطلب المساعدة من أي شخص، ولم ولن أقبل أبداً أي صدقة أو شفقة من أحد”.

“فانا أشجع النساء وأحثهن أن يعطين من قلبهن، دون أن تنتظرن مقابل من أحد! أعطِ قدر استطاعتكِ لأي شخص دون النظر إلى جنسه أو عمره، أعطِ وابذلي نفسكِ إلى أن يؤلمكِ العطاء”.